ما يقع في الحوار الذاتي ، ثم ينمو ويتشعب حتى يشمل القريب ثم البعيد ثم العدو ، فمن طغاه فكره فلا قرين له إلا هذا الشيطان الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس.
٦٦ ، ٦٨ ـ (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٦٦) قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨))
[ص : ٦٦ ، ٦٨]
العزيز القوي الغالب ، والعزيز اسم من أسماء الله الحسنى التي هي قسمان ، قسم للتخلق وقسم لا للتخلق اختص به الله وحده مثل كونه سبحانه القدوس ، والتخلق بالعزة اعتماد الله وحده لكونه سبحانه حقا ، وما سواه عزيزون به ، ولهذا تبع كونه سبحانه العزيز كونه الغفار ، فما تخلق العبد باسم إلهي ، وهو صادق حقا ، إلا كان له من اسمه نصيب ، فكان المعتز بالله عزيزا حقا.
٦٩ ـ (ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٦٩))
[ص : ٦٩]
بحث ابن عربي قضية الملأ الأعلى وكيف يختصمون ، وخصام الملأ الأعلى واقع من جهة تصريفهم أمور السموات والأرض ، فالملأ الأعلى الكليات الثابتات التي لها الفعل في سماء المعقولات وأرض الأبدان ، ولما كان الله قد كتب على الناس القتال ، وهو كره لهم ، ولما كان لله جند السموات والأرض يفعلون ما يريد ، كانت النتيجة أن الكليات تختصم ، وخصامها بعضها بعضا نوع من اللعب الوجودي لإخراج المضامين ، وإلا لما كان لله حاجة في هذا التخاصم الفكري الروحي العالي ، ولا في التخاصم الفكري الحسي الأرضي.
٧٠ ، ٨٨ ـ (إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٧٠) إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ (٧١) فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (٧٢) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٧٣) إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ (٧٤) قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ (٧٥) قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (٧٦) قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٧٧) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ (٧٨) قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٧٩) قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٨٠) إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٨١) قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلاَّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣) قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (٨٤) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٥) قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (٨٦) إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (٨٧) وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (٨٨))
[ص : ٧٠ ، ٨٨]
تقص الآيات قصة سجود المعقولات لآدم باعتبار أن المعقولات مسخرة للإنسان ، فلو لا الإنسان الذي هو خليفة الله المستخلف في الوجود ، ما خلق الله المعقولات لتكون خادمة له ،