١٤٩ ، ١٥٧ ـ (فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (١٤٩) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ (١٥٠) أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (١٥١) وَلَدَ اللهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١٥٢) أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ (١٥٣) ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (١٥٤) أَفَلا تَذَكَّرُونَ (١٥٥) أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ (١٥٦) فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٥٧))
[الصافات : ١٤٩ ، ١٥٧]
الوجود شطران فاعل ومنفعل ، والفاعل الحق ومن معه من المعقولات والأنوار الشريفة ، والمنفعل الخلق ومن معهم من موجودات العالم الحسي الذي هو مرآة تعكس الأنوار الإلهية ، وعلى هذا فلا يمكن القول إن الملائكة إناث ، وسبق لنا الحديث عن هذه المسألة من قبل ، كما لا يمكن القول إن الحق والد يلد ، ويصر ابن عربي على نفي العالم الحسي ، وهو يلحقه جملة وتفصيلا بالله ، فلا يكون من موجود بحق سوى الحق وآلاته ، وما هذه الحركة في العالم الظاهري سواء على مستوى الظاهر أم على مستوى الباطن سوى نتاج الواحد القهار.
١٥٨ ، ١٧٠ ـ (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٥٨) سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٥٩) إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٠) فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ (١٦١) ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ (١٦٢) إِلاَّ مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ (١٦٣) وَما مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦) وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ (١٦٧) لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٦٨) لَكُنَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٩) فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (١٧٠))
[الصافات : ١٥٨ ، ١٧٠]
الجنة بكسر الجيم من جن ، وجن استتر ، فالجنة ما استتر من عالم العيان ، والإشارة إلى الصوت الخفي الذي هو قوام كل حوار ذاتي ، والآيات تقول إن الكافرين جعلوا بين الله والجنة نسبا وهذا شرك ، لأن أنوار المعقولات التي لها الصوت الخفي إن كان لها نسبة إلى الله فنسبتها إليه نسبة النور إلى النور ، ونور المعقول إضافي قائم بالنور الأصيل ، فهو منبثق منه ، صادر عنه ، ولهذا كان هذا النور بذاته ، سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا.
والأنوار المضافة ذات مقام معلوم كما جاء في الآية الرابعة والستين ، ذلك لأن للنور الأول القائم بنور الأنوار المكانة العلية ، وهي للنبي صلىاللهعليهوسلم الذي لما تجاوز في معراجه سدرة المنتهى ، وقرب من نور الأنوار ، تأخر عنه جبريل قائلا : لو تقدمت أنملة لاحترقت ، فأول ما صدر عن نور الأنوار النور الأول ، ثم الأنوار التسعة التي كنا تحدثنا عنها ، ثم أنوار الأسماء الحسنى المعقولات التي وصفت في الآية المائة والخامسة والستين بأنها صافة أي هي صفوف يتلو بعضها بعضا ، وهي جميعا ملهمة ـ بفتح الهاء ، ملهمة ـ بكسر الهاء ـ محدثة ـ بفتح الدال ـ محدثة ـ بكسر الدال ، تفعل في القلب ما يأمرها به الحق ، فالعالم هرم في رأسه النور الأول