سورة سبأ
بسم الله الرّحمن الرّحيم
١ ـ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١))
[سبأ : ١]
قوله سبحانه : (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ) يعني أن الوجود بشقيه لربه حامد حتى وإن كان من الناس الكافرون والمنافقون .. ذلك أن اتباع الموصوف الصفة وقهرها إياه يجعله لها عبدا ، وبالتالي هو عبد الله وهذه حقيقة الصراط المستقيم ، واعوجاجه هو الذي قال فيه ابن عربي : إن اعوجاج القوس هو للرمي عين استقامته.
فالكل حامد بما في ذلك الشقي ، فكل إلى طبعه راجع وصائر كما قال الإمام الغزالي ، وباتباع الطبع وبحكم حكمه لصاحبه يكون القهر ، والحمد نتيجة تحقيق ما هو بالقوة ، وجعله بالفعل.
٢ ، ٣ ـ (يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (٢) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٣))
[سبأ : ٢ ، ٣]
علمه علمان سابق ولا حق ، أما السابق فلأن علمه هو الذي خطط للتنفيذ اللاحق كما يخطط المهندس مشروع البناء من قبل تنفيذه ، فكل صغير وكبير مستطر ، وكل شيء فعلوه في الزبر ، وفي خارطة المشروع الهندسي توجد عادة أدق التفاصيل ، من الأسس إلى القواعد إلى الجدران إلى السقف والأبواب والنوافذ وتمديدات الكهرباء والماء والتدفئة والمصارف .. وهذا حال العلم الإلهي الذي رسم خارطة الوجود العامة حين كان بعد في عماء ، أي حين كان ذرا لطيفا أو طاقة لطيفة لا غير ثم خرج من الطاقة الشعاع الذري فالأشعة المتعددة التي ما تزال العلماء يكتشفونها يوما بعد يوم ، فما نراه الآن هو تنفيذ المشروع الوجودي الإلهي ، وعلماء الفلك تعرف هذه القواعد الفلكية ، ولقد استطاع اينشتاين كشف أسرار علمية ما سبقه إليها من أحد ، حتى أنه تنبأ بظهور كوكب جديد في عام معين ويوم معين ، وذلك وفق ما كشفت عنه المعادلات الفيزيائية التي تتبعها ، فتحقق ما تنبأ به العالم الكبير ، وظهر الكوكب في الميقات المعلوم.