هيكل الجسد ليمثل الرسم وبفتق الصفة والاسم ، ثم يحمل صفته وصفات من حوله لتكون جواهر تزين تاجه العظيم.
٥٨ ، ٥٩ ـ (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (٥٨) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٥٩))
[العنكبوت : ٥٨ ، ٥٩]
الجنة العليا جنة العلم ، ثم الانتقال منها إلى الغرف ، وهي الأعداد المثالية باعتبارها مبادئ الوجود كما قال أفلاطون ووحدات الأعداد باعتبار أن كل معقول وحدة تدرج فيه الكثرة ، فالوصول إلى الغرف الوصول إلى الأسماء الكلية ومعرفة مواقعها التي عرفت في القرآن بأنها مواقع النجوم ، ونتيجة هذا الحلول علم عظيم تظل أعناق العلماء له خاضعين ، وما تزال فتوحات الشيخ الأكبر يما أكبر تقف بساحله العلماء مستطلعين دارسين متحيرين مندهشين من هذا الفيض القدسي الذي أفاض الله على بشر.
٦٠ ـ (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦٠))
[العنكبوت : ٦٠]
الدابة التي لا تحمل رزقها المخلوقات الضعيفة المستضعفة من الحيوان والإنسان ، لا تدري كيف تجني رزقها ، والله يرزقها عن طريق تسخير الأسماء لها كأن يربي الوالدان الأولاد ، وكأن يساعد الكريم الفقير ، وكأن يعلم العالم الجاهل ، وكأن يدافع الجندي عن وطنه وشعبه ، أما على صعيد الحيوانات فالأمر ذو علاقة بالغريزة التي هي ضرب من السلوك الإلهي الفطري في المخلوقات ، فتربي الحيوانات الكبيرة صغارها وتغذيها وتحميها وتعلمها كيف تكسب رزقها عن طريق القنص والصيد ، والتمييز بين الرعي الصالح والفاسد.
وفي عالم الطيور حقائق مدهشة ، فطائر الحجل يضع بيضه في أرض ملآى بالحجارة ، ثم يهاجر طائرا ألوف الأميال ويغيب شهورا ، ثم يعود من هجرته ، فتقصد كل أنثى بيضها حيث وضعت ، بوسائل ما تزال العلماء تجهلها حتى يومنا هذا ، وفي عالم الوطواط تبرح الوطاويط غيرانها أول الليل تاركة فيه صغارها ، وتقطع في الليلة الواحدة مسافة تصل إلى مائة وخمسين ميلا ، ثم تعود قبيل الفجر إلى غيرانها ، فتتجه كل أثنى إلى صغارها ، عن طريق تمييز أصواتها ، فلكل فرخ موسيقى خاصة به ، وإذا كان عدد الوطاويط في غار شهير اكتشف في المكسيك يصل إلى عدة ملايين كان معنى هذا أنه توجد ملايين من أصوات موسيقية يخص كل نغم فرخا تسمعه أمه فتميزه به وتتجه إليه ، ولو أن صوت وطواط صغير شابه صوت وطواط