٢٧٤ ـ (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٤))
[البقرة : ٢٧٤]
الإنفاق بالليل إنفاق مما حصله القلب من لدن الروح الفاعل مما له علاقة بعلوم المادة ، فالموحدون يرون في كل عملية تفكير نشاطا إلهيا مظهره الإنسان ، وأنه لو لا الله الفعال ما مارس الفكر نشاطه فكل العلوم التي حصلها الإنسان ، وسوف يحصلها في المستقبل ، إنما هي عطاء من عند الله عزوجل ، وإخراجها للناس ونشرها حق لله على العلماء.
والإنفاق بالنهار إنفاق ما حصله القلب من لدن الروح مما له علاقة بالعلوم الغيبية ، فسواء اتجه الفكر غربا ، وهدفه العالم الطبيعي ، أو انطوى على ذاته فضرب بسهامه شرقا عوالم الغيب ، فالنتيجة واحدة ، ألا وهي التعلم أولا ونشر العلم ثانيا ، فالله سبحانه ما خلق الإنس والجن إلا ليعبدوه ، والعبادة المثلى معرفة الله سبحانه.
٢٧٥ ، ٢٧٦ ـ (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٧٥) يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (٢٧٦))
[البقرة : ٢٧٥ ، ٢٧٦]
البيع هو الحلال ، والربا هو الحرام ، والإشارة إلى الكشف المشروع الذي هو من باطن الذات دون اشتراط أن تكون الأنا الجزئية ذات نصيب من هذا الكسب ، ولهذا ربط بين الربا وأصحاب النار ، إذ أن أصحاب النار محجوبون بالأنا عن جنة الذات ، وخلودهم ارتباطهم بأنيتهم دون معرفة من وراء الأنية ومالكها.
٢٧٧ ، ٢٧٨ ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨))
[البقرة : ٢٧٧ ، ٢٧٨]
الإيمان وعمل الصالحات والصلاة والزكاة جسور تنصبها الأنا الجزئية إلى الأنا الكلية ، وهذا النصب هو الذي يأتي بالأجر الرباني ، كما أنه يذهب الخوف وذلك باستناد الجزء إلى الكل حتى يعلم علم اليقين أنه الأصل وأن الجزء هو الفرع القائم بالشجرة.
٢٧٩ ـ (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ (٢٧٩))
[البقرة : ٢٧٩]
عودة إلى التحذير من الربا الذي هو حد فاصل بين الإيمان والإلحاد ، أو بين الإيمان