٢٧١ ـ (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٧١))
[البقرة : ٢٧١]
الصدقة إخراج ما لله لله وعباده ، والإشارة هنا إلى علوم التوحيد التي قال فيها صلىاللهعليهوسلم : (سألني ربي فلم أستطيع أن أجيبه ، فوضع يده بين كتفي بلا تكييف ولا تحديد ، فوجدت بردها ، فأورثني علم الأولين والآخرين ، وعلمني علوما شتى ، فعلم أخذ علي كتمانه ، إذ علم أنه لا يقدر على حمله أحد سواي ، وعلم خيرني فيه).
وتعتمد الصوفية الإشارة والرمز لا التصريح الكامل الذي قد يودي بالعباد إلى التهلكة نظرا إلى أن هذا العلم ثقيل سماه سبحانه قولا ثقيلا ، فالعارفون يطوفون حول كعبة الحقيقة ، ويشيرون ويرمزون ، فمن كان أهلا لفهم الإشارة من مضمون العبارة نهل من معين تلك العلوم الإلهية ، وترى الموحدين يتفاوتون في مقدار إخفاء علومهم أو إظهارها ، وذلك وفق ما حدد الله للعلماء التصريح به ، وقال صلىاللهعليهوسلم : (خاطبوا الناس على قدر الله عقولهم ، أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟).
٢٧٢ ـ (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (٢٧٢))
[البقرة : ٢٧٢]
مسألة الهدى من المسائل الكبرى التي طرحت ونوقشت من قبل العلماء والمحققين ، ولقد وقع خلاف حول أصل الهدى ، وكان مذهب أهل السنة المدرج في علم رسول الله هو الذي وضع حدا للخلاف ، وبت المسألة بإعلانه أن الهدى هدى الله ، وأنه لولاه سبحانه ما اهتدى إليه أحد من عباده ولا عرفه ، وأنه بفضله سبحانه يتم لا بعمل الإنسان ولا بإرادته وقصده ، وتأييد ذلك قوله صلىاللهعليهوسلم : (خلق الله الخلق في ظلمة ، ثم رش عليهم من نوره ، فمن أصابه هذا النور اهتدى ، ومن أخطأه ضل).
٢٧٣ ـ (لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢٧٣))
[البقرة : ٢٧٣]
الإشارة إلى أصحاب القلوب ، الظامئين إلى الحقيقة ، المتطلعين إلى الرفد من العالم الجواني الذي وعد المؤمنين الحسنى ، فإلى هؤلاء أشار سبحانه بضرورة مدهم بحقائق التوحيد التي هي كاللؤلؤ المكنون.