قوله تعالى : (وَالْأَرْضَ مَدَدْناها ؛) أي بسطناها ، (وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ) أي جبالا ، (وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) (٧) ؛ أي من كلّ لون حسن منظره.
قوله تعالى : (تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) (٨) ؛ أي فعلنا ذلك الذي ذكرناه ليبصر به ويتذكر به ، فهو تذكير وعظة وتنبيه لكلّ عبد منيب يرجع إلى الله ويتفكّر في قدرته.
قال أبو حاتم : (قوله (تبصرة) منصوب على المصدر) يعني تبصيرا وتذكيرا وتنبيها له (١) ؛ لأن من قدر على خلق السّموات والأرض والنبات قدر على بعثهم.
قوله تعالى : (وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً ؛) يعني المطر ، (فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ ؛) أي بساتين ، (وَحَبَّ الْحَصِيدِ) (٩) ؛ يعني الزرع الذي من شأنه أن يحصد حصيدا ، حصد أم لم يحصد ، وذلك البرّ والشعير وسائر الحبوب التي تحصد وتدّخر وتقتات. وإضافة الحب إلى الحصيد وهما واحد لاختلاف اللّفظين ، كما يقال مسجد الجامع ، وربيع الأوّل ، وخفّ البعير ، وحبل الوريد ونحوها.
قوله تعالى : (وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ) (١٠) ؛ معناه : وأنبتنا النخل طوالا ، يقال : بسقت النّخلة إذا طالت. والطّلع النّضيد : هو الكفرّيّ ما دام في أكمامها ، فهو منضود بعضه فوق بعض ، وإذا خرج من أكمامها فليس بنضيد (٢).
قوله تعالى : (رِزْقاً لِلْعِبادِ ؛) انتصب على وجهين : أحدهما : رزقناهم هذه الأشياء ، والثاني : أنبتناها للرّزق ، فهو منصوب ؛ لأنه مفعول له ؛ ولأنه مصدر فعل محذوف.
قوله تعالى : (وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً ؛) أي أحيينا بالمطر مكانا ميتا لا نبات فيه ، فكما أحيينا هذه الأرض الميتة بالماء ، وأنبتنا هذه الأقوات من الحبوب اليابسة ، (كَذلِكَ الْخُرُوجُ) (١١) ؛ أي كذلك تنبتون بالمطر في قبوركم ثم
__________________
(١) نقله عنه أيضا القرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٧ ص ٦.
(٢) علقه البخاري في الصحيح : كتاب التفسير : سورة ق : جعله مفتاح الباب. وفي الشرح : ج ٨ ص ٧٦٤ ؛ قال ابن حجر : (هو قول أبي عبيدة بمعناه).