هرون وعمّي موسى وأنّ زوجي محمّد]) (١) فأنزل الله تعالى هذه الآية (وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) أي لا يغتب بعضكم بعضا ولا يطعن بعضكم على بعض.
وقيل : اللّمز العيب في المشهر ، والهمز في المغيب ، وقال محمّد بن زيد : (اللّمز يكون باللّسان والعين والإشارة ، والهمز لا يكون إلّا باللّسان) ، قال الشاعر (٢) :
إن لقيتك تبدي لي مكاشرة |
|
وإن أغب فلأنت الهامز اللّمزه |
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) وذلك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان إذا غزا أو سافر ، ضمّ الرّجل المحتاج إلى رجلين موسرين يخدمهما ويهيّء لهما طعامهما وشرابهما ، ويصيب من طعامهما ، فضمّ سلمان إلى رجلين من أصحابه في بعض أسفاره ، فتقوّم سلمان معهما.
فاتّفق ذات يوم أنّه لم يعدّ لهما شيئا فغلبته عيناه فنام ، فلمّا قدما قالا له : ما صنعت شيئا؟ قال : لا ، قالا : ولم؟ قال : غلبتني عيناي ، فقالا : انطلق إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم واطلب لنا منه طعاما وإداما ـ وقيل : إنّهما قالا له : انطلق إلى النّبيّ صلىاللهعليهوسلم واسأله لنا فضل إدام إن كان عنده ـ فذهب فسأل فقال صلىاللهعليهوسلم : [إنطلق إلى الخازن فليطعمك إن كان عنده] وكان الخازن يومئذ أسامة بن زيد ، فانطلق إليه فلم يجد عنده شيئا.
فرجع إليهما فأخبرهما بذلك ، فقالا : إنّه بخيل يأمره رسول الله ويبخل هو علينا ، فقالا في سلمان : لو بعثناه إلى بئر سميحة لقال : ليس فيها ماء! ثمّ جعلا يتجسّسان هل كان عند أسامة ما أمر لهما به رسول الله صلىاللهعليهوسلم من الإدام. فلمّا جاءا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لهما : [ما لي أرى حمرة اللّحم على أفواهكما؟] قالا : يا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما تناولنا يومنا هذا لحما؟ فقال : [ظلتما تأكلان لحم سلمان وأسامة
__________________
(١) ذكره الثعلب في الكشف والبيان : ج ٩ ص ٨١. والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٦ ص ٣٢٦. والواحدي في أسباب النزول : ص ٢٦٤.
(٢) في الكشف والبيان : ج ٩ ص ٨١ ؛ قال الثعلبي : (وقال محمد بن يزيد) وذكره بلفظ :
إذا لقيتك عن شخط تكاشرني |
|
وإن تغيّبت كنت الهامز اللّمزه |