الخشوع) (١). وقال ابن جريج : (هو الوقار) ، وقال سمرة : (هو البهاء) ، وقال سفيان : (يصلّون باللّيل ، فإذا أصبحوا عرف ذلك في وجوههم ؛ بيانه قوله عليهالسلام : [من كثرت صلاته باللّيل حسن وجهه بالنّهار](٢). وروي في بعض الأخبار : أنّ الله تعالى يقول يوم القيامة : يا نار أنضجي ، يا نار أحرقي وموضع السّجود لا تقربي.
قوله تعالى : (ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ ؛) أي ذلك الّذي ذكره في القرآن من وصفهم هو ما وصفوا به في التّوراة ، (وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ ؛) أيضا ، ثم ذكر الله وصفهم في الإنجيل : (كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ؛) أي سبيله ، وقال ابن زيد : (أولاده). والشّطأ : فراخ الزّرع ، يقال : الشّطأ الزّرع أن يخرج سبعا أو ثمانيا أو عشرا ، وهذا مثل ضربه الله لأصحاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، يعني أنّهم يكونون قليلا ثم يزدادون ويكثرون ويقوون ، قال قتادة : (مكتوب في الإنجيل : أنّه سيخرج قوم ينبتون نبات الزّرع ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) (٣).
قرأ العامّة (شطأه) بإسكان الطّاء ، وقرأ بعض أهل مكّة والشام بفتحها ، وقرأ يحيى بن وثّاب (شطأه) مثل عصاه ، وقرأ الحجدري : (شطه) بلا همزة ، وكلّها لغات (٤).
قوله تعالى : (فَآزَرَهُ ؛) أي أعانه الشّطأ وقوّاه وشدّه ، مأخوذ من المؤازرة وهي المعاونة ، والأزر : الظاهر ، والوزير المعين ، وأعانه الزرع ، الشطّ أن يخرج من الشّطأ ثمان وتسع وعشر.
قوله تعالى : (فَاسْتَغْلَظَ ؛) أي غلظ ذلك الزّرع وتقوّى ، (فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ ؛) أي قام على قصبه وساوى الصّغار والكبار حتى استوى بعضه مع
__________________
(١) بمعناه أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٤٤٨٢) عن منصور عن مجاهد.
(٢) أخرجه ابن ماجة في السنن : كتاب إقامة الصلاة : باب ما جاء في قيام الليل : الحديث (١٣٣٣). وفي الجامع لأحكام القرآن : ج ١٦ ص ٢٩٣ ؛ قال القرطبي : (وقال ابن العربي : ودسّه قوم في حديث النبي صلىاللهعليهوسلم على وجه الغلط ، وليس فيه عن النبي صلىاللهعليهوسلم ذكر بحرف).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٤٥٠٠).
(٤) ذكرها أيضا القرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٦ ص ٢٩٥.