قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    التفسير الكبير [ ج ٦ ]

    65/600
    *

    فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعليّ : [أكتب : باسمك اللهمّ ، ثمّ اكتب : هذا ما صالح عليه محمّد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم]. فقال سهيل بن عمرو : والله لو نعلم أنّك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ، لكن اكتب باسمك واسم أبيك ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : [إنّي لرسول الله ولقد كذبتموني].

    وقال لعليّ رضي الله عنه : [أمح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم] فقال عليّ : لا أمحوك يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فمحاه النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثمّ قال : [أكتب : هذا ما قاضى عليه محمّد بن عبد الله سهيل ابن عمرو على وضع الحرب بين النّاس بكفّ بعضهم عن بعض ، على أنّه من قدم مكّة من أصحاب محمّد حاجّا أو معتمرا أو يبتغي من فضل الله فهو آمن على دمه وماله. ومن قدم المدينة من قريش مجتازا إلى مصر أو الشّام فهو آمن على دمه وماله](١).

    فهذه الحميّة التي في قلوبهم ، يعني الأنفة من الاستفتاح ببسم الله الرّحمن الرّحيم ، ومن قوله : محمّد رسول الله.

    قوله تعالى : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ ؛) وذلك أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رأى في المنام وهو بالمدينة قبل أن يخرج إلى الحديبية كأنّه هو وأصحابه حلقوا وقصّروا ، فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا وحسبوا أنّهم داخلوا مكّة عامهم ذلك ، وقالوا : إنّ رؤية النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم حقّ.

    فلمّا رجع وأصحابه من الحديبية ولم يدخلوا مكّة ، قال المنافقون : والله ما حلقنا ولا قصّرنا ولا دخلنا المسجد الحرام (٢). فأنزل الله الآية وأخبر أنه أرى رسول الله الصّدق في منامه ، وأنّهم يدخلونه فقال الله : (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ ؛) يعني العام المقبل ، (إِنْ شاءَ اللهُ ؛) قال أبو عبيدة : (إنّ معنى : (إِنْ شاءَ اللهُ)) حيث أري رسول الله في المنام. وقال أبو العبّاس أحمد بن يحيى : (استثنى الله فيما يعلم ، ليستثني الخلق فيما لا يعلمون) (٣).

    __________________

    (١) أخرجه البخاري في الصحيح : كتاب الصلح : الحديث (٢٦٩٩).

    (٢) أخرجه الطبري بمعناه في جامع البيان : الأثر (٢٤٤٦٤).

    (٣) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٦ ص ٢٩٠ ؛ قال القرطبي : (قاله ثعلب) وثعلب هو أبو العباس أحمد بن يحيى المعروف ب (ثعلب).