الفلق كلمة جامعة من لطائف القرآن ، والله تعالى فالق الإصباح وفالق الحب والنوى ، وفالق البحر لموسى.
ومعنى السّورة : قل يا محمّد : امتنع واعتصم واستعذ بربّ الفلق من شرّ كل ذي شرّ من الجنّ والإنس والسباع والحيّات والعقارب وغيرها ، وعن كعب الأحبار أنه قال : «الفلق بيت في النّار لو فتح بابه صاح جميع أهل النّار من شدّته» (١). قال السديّ : «الفلق بئر في جهنّم» (٢).
قوله تعالى : (وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ) (٣) ؛ الغاسق : هو الليل إذا اشتدّت ظلمته ، ووقوب الليل دخوله في الظّلام ، هكذا عن قتادة ، وأصل الغسق : الجريان بالضّرر من قولهم : غسقت القرحة إذا جرى صديدها ، والغاسق صديد أهل النار ، والغاسق كلّ هاجم بالضّرر كائنا ما كان ، وسمّي الليل غاسقا ؛ لأنه تخرج فيه السّباع من آجامها ، والهوامّ من مكانها.
وإنما أضيف الشرّ إلى الليل ؛ لأن الإنسان يحذر في أوقات الليل من الشرّ ما لا يحذر مثله بالنهار ، كأنه قال تعالى : ومن شرّ ما في الغاسق ، كما يقال : أعوذ بالله من هذا البلد إذ كثر فيه الظّلم والفساد.
وعن عليّ رضي الله عنه أنه قال : «الغاسق هو الظّالم ، ووقوبه دخوله على الظّلم». ويقال : الغاسق سقوط الثّريا ؛ لأن الطواعين والأسقام تكثر عند سقوطها ، وترتفع عند طلوعها.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : أراني رسول الله صلىاللهعليهوسلم القمر فقال : [تعوّذي بالله من شرّ هذا الغاسق إذا وقب] أي إذا كسف واسودّ (٣).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٩٦٤٦).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٩٦٤٤).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (٢٩٦٦٦). والترمذي في الجامع الصحيح : أبواب التفسير : الحديث (٣٣٦٦) بإسناد صحيح.