لاهمّ (١) إنّ العبد يم |
|
نع رحله فامنع حلالك (٢) |
لا يغلبنّ صليبهم |
|
ومحالهم غدوا محالك (٣) |
عمدوا حماك بجهلهم جهلا |
|
وما رقبوا جلالك |
إن كنت تاركهم وكعب |
|
تنا فأمر ما بدا لك |
ثم أرسل عبد المطلب حلقة الباب ، وانطلق هو ومن معه من قريش إلى شعف الجبال ، فتحرّزوا فيها ينتظرون ما أبرهة فاعل بمكّة إذا دخلها ، فلما أصبح أبرهة تهيّأ لدخول مكّة ، وهيّأ فيله وعبّأ جيشه ، وكان اسم الفيل محمودا ، وأبرهة مجمع لهدم البيت.
فلما وجّهوا الفيل إلى مكّة أقبل نفيل بن حبيب حتى قام إلى جنب الفيل ، ثم أخذ بأذنه فقال : ابرك محمودا أو ارجع راشدا من حيث أتيت ، فإنّك في بلد الله الحرام. ثم أرسل أذنه ، فبرك الفيل وخرج نفيل يشتدّ حتى صعد الجبل ، فضربوا الفيل ليقوم فأبى ، فضربوه في رأسه بالطّبرزين وهو الكلّاب ليقوم فأبى ، فأدخلوا محاجن لهم في مراقه (٤) فبزغوه (٥) بها ليقوم فأبى ، فوجّهوه راجعا فقام يهرول ، ووجّهوه نحو الشّام فغطّ مثل ذلك ، ووجّهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك ، ووجّهوه نحو مكّة فبرك ، فجعل كيدهم في تضليل ، وأرسل عليهم طيرا من البحر أمثال الخطاطيف ، مع كلّ طائر منهم ثلاثة أحجار يحملها ، حجرا في منقاره وحجران في رجليه أمثال الحمّص ، لا تصيب أحدا منهم إلّا هلك ، وليس كلّهم أصابت.
__________________
(١) (لاهمّ) : أصلها اللهم. والعرب تحذف الألف واللام منها وتكتفي بما بقي ، كما تقول : لاه أبو ؛ أي لله أبوك. وكما قالوا : أجنك تفعل كذا وكذا ؛ أي من أجل أنك تفعل كذا وكذا.
(٢) الحلال بالكسر جمع حلّة ؛ وهي جماعة البيوت. والمراد هنا القول الحلول في المكان.
(٣) المحال : القوة والشدة. وغدوا : غدا ، وهو اليوم الذي يأتي بعد يومك ، ولم يستعمل تاما إلا في الشعر.
(٤) مراقه : أسفل بطنه. والمحاجن : جمع محجن وهي عصا معوجّة.
(٥) بزغوه : أدموه ، ومنه المبزع ، وهو المشرط للحجّام ونحوه.