قوله تعالى : (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ
؛) أي قل لهؤلاء المخلّفين عن الحديبية : (سَتُدْعَوْنَ ؛) بعد موت النبي صلىاللهعليهوسلم (إِلى ؛) قتال ؛ (قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ
شَدِيدٍ ؛) أي أهل اليمامة ، قال الزهريّ : (هم أهل اليمامة بنو
حنيفة أتباع مسيلمة ، فأتاه أبو بكر رضي الله عنه) ، قال رافع بن خديج : (كنّا
نقرأ هذه الآية ولا نعلم من هم حتّى دعا أبو بكر رضي الله عنه إلى قتال بني حنيفة
فعلمنا أنّهم هم) .
وقال ابن جريج
: (سيدعوكم عمر رضي الله عنه إلى قتال فارس والرّوم) (تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ
يُسْلِمُونَ ؛) معناه : تقاتلوهم أن يكون منهم الإسلام ، (فَإِنْ تُطِيعُوا ؛) أبا بكر وعمر ، (يُؤْتِكُمُ اللهُ
أَجْراً حَسَناً ؛) عظيما في الجنّة ، (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا
كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ ؛) عن طاعة محمّد صلىاللهعليهوسلم في المسير إلى الحديبية ، (يُعَذِّبْكُمْ ؛) في الآخرة ، (عَذاباً أَلِيماً) (١٦) ؛ شديدا.
قرأ أبيّ (أو
يسلموا) بحذف النّون ؛ أي حتى يسلموا ، وكقول امرئ القيس : (أو نموت) ، وقرأ الكافّة بإثبات النّون في محل الرفع عطفا على (تقاتلونهم).
قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا
عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ؛) أي ليس على هؤلاء إثم في قعودهم عن القتال لعجزهم عنه ،
(وَمَنْ يُطِعِ اللهَ
وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ؛) عائد إلى من يلزمه الجهاد ، (وَمَنْ يَتَوَلَّ ؛) عن الجهاد مع قدرته عليه ، (يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً) (١٧).
قوله تعالى : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ
الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ؛) يعني بيعة الرّضوان بالحديبية ، وإنما سميت بيعة
الرضوان بهذه الآية ، وكان سبب هذه البيعة : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم لمّا سار يريد مكّة ، فلمّا بلغ الحديبية
__________________