يقولون فيما بينهم : يستأصل محمّدا وأصحابه عدوّهم في هذه الكرّة فلا يرجعون إلى المدينة أبدا فنستريح منهم.
وقوله تعالى : (وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ ؛) أي زيّن الشيطان لكم ذلك الظنّ في قلوبكم ، (وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ ؛) أي ظننتم نبيّ الله وأصحابه أنّهم لن يرجعوا من سفرهم هذا وأنّهم سيهلكون.
قوله تعالى : (وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً) (١٢) ؛ أي هلكى فاسدي القلوب لا تصلحون لخير ، والبوار الهلاك ، وما بعد هذا ، (وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً (١٣) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (١٤) ، ظاهر المعنى.
قوله تعالى : (سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ ؛) يعني هؤلاء المخلّفين سيقولون لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه : (إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ) ، خير ، (لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ ؛) نخرج معكم ، فأمر الله النبيّ صلىاللهعليهوسلم أن يمنعهم من ذلك بعد تخلّفهم من غزوة الحديبية.
فلما رجع النبيّ صلىاللهعليهوسلم من الحديبية وانطلق إلى خيبر ، قال هؤلاء المخلّفون (ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ) قال الله تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ ؛) أي أنّ الله تعالى خصّ أهل الحديبية بمغانم خيبر ، وأمر النبيّ صلىاللهعليهوسلم أن لا يأذن للمنافقين أن يخرجوهم معهم إلّا متطوّعين ليس لهم من المغانم شيء. فأراد المنافقون أن يشاركوا فيها ليبطلوا حكم الله تعالى ، (قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ ؛) يعني : أمر الله نبيّه صلىاللهعليهوسلم أن لا يسيّر معه منهم أحدا.
ومعنى قوله (من قبل) أي قال الله في ذلك بالحديبية قبل خيبر ، وقبل خروجنا إليكم : أنّ غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية ، (فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا ؛) أي سيقولون للنبيّ صلىاللهعليهوسلم لم يأمركم الله بذلك ، ولكن تحسدوننا أن نشارككم في الغنيمة. قوله تعالى : (بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلاً) (١٥) ؛ أي لا يعلمون عن الله ما لهم وعليهم من الدين إلّا قليلا منهم ، وهو من صدّق الرسول ولم ينافق.