قوله تعالى : (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً) (٣) ؛ يعني الخيل تغير عند الصّبح في سبيل الله ، أضاف الإغارة إليها وأراد بذلك ركّابها ، وذلك أنّهم كانوا يسيرون إلى العدوّ ليلا ويأتوهم صبحا.
قوله تعالى : (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً) (٤) ؛ أي هجمت بالمكان الذي انتهت إليه غبارا. وإن ما لم يذكر المكان ؛ لأن في الكلام دليلا عليه ، وذلك أن إثارة الغبار لا يكون إلّا بمكان. قوله تعالى : (فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) (٥) ؛ أي دخلن في ذلك المكان في وسط جمع المشركين للإغارة.
قوله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ؛) هذا جواب القسم هاهنا ، والإنسان عبارة عن جنس الناس ، وقيل : المراد به الكافر ، والكنود هو الكافر ، الذي [يمنع رفده ، ويأكل وحده ، ويجلد عبده](١) وهكذا قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وقال الكلبيّ : «الكنود بلسان معدّ : العاص» ، وبلسان مضر وربيعة وقضاعة : الكفور ، وبلسان بني مالك : البخيل. وقال الحسن : «يعدّ المصائب ، وينسى النّعم» (٢) وقال عطاء : «الكنود الّذي لا خير فيه». والأرض الكنود الذي لا تنبت ثانيا ، وقيل : هو الحقود الحسود.
قوله تعالى : (وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ) (٧) ؛ معناه : إنّ الله على صنع هذا الكنود وكفرانه لنعمه لشهيد يحصي عليه أعماله. وقيل : معناه : إنّ الإنسان على نفسه لشهيد ، يشهد بذلك حاله في بخله ، وإعراضه عما يجب عليه ، فالهاء على هذا القول راجعة للإنسان.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (٢٩٢٨٦) عن أبي أمامة. وفي الدر المنثور : ج ٨ ص ٦٠٣ ؛ قال السيوطي : (أخرجه عبد بن حميد والبخاري في الأدب والحكيم الترمذي وابن مردويه).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٩٢٨٧).