قوله تعالى : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) أي ما تركك منذ اختارك ، ولا بغضك منذ أحبّك ، وهذا جواب القسم.
قوله تعالى : (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى) (٤) ؛ أي لثواب الآخرة مما أعدّه الله لك فيها من الكرامة والمقام المحمود خير لك من الدّنيا التي هي مشوبة بالأحزان والزّوال.
قوله تعالى : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) (٥) ؛ معناه : سيعطيك خالقك في الآخرة من الشّفاعة ، وثواب الطاعة حتى ترضى. ويجوز أن يكون هذا وعدا له من الله بالنّصرة والتمكين وكثرة المؤمنين.
وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال : «رضى محمّد أن لا يدخل أحد من أهل بيته النّار» (١). وقيل : الشفاعة في جميع المؤمنين ، وعن عليّ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [أشفع لأمّتي حتّى ينادي ربي عزوجل : أرضيت يا محمّد؟ فأقول : رضيت](٢).
وعن جعفر بن محمّد قال : دخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم على فاطمة وهي تطحن بيدها وترضع ولدها ، فلمّا أبصرها كذلك دمعت عيناه ، فقال : [يا بنتاه تعجّلي (٣) فتجرّعي مرارة الدّنيا بحلاوة الآخرة ، فقد أنزل الله عليّ (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى)](٤). وعن ابن عبّاس قال : «يعطيه الله في الجنّة ألف قصر من اللّؤلؤ ترابه المسك ، في كلّ قصر من كلّ ما يشتهى على أحسن الصّفات» (٥).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (٢٩٠٥٣).
(٢) أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء : ج ٣ ص ١٧٩ بسند ضعيف.
(٣) في المخطوط : (تعجني) ويبدو أنه تصحيف من الناسخ ؛ وأثبتنا الصحيح من الدر المنثور.
(٤) في الدر المنثور : ج ٨ ص ٤٣٠ ؛ قال السيوطي : (أخرجه العسكري في المواعظ وابن مردويه وابن لال وابن النجار عن جابر) وذكره.
(٥) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (٢٩٠٥١). والحاكم في المستدرك : كتاب التفسير : الحديث (٣٩٩٨) ، وقال : صحيح الإسناد.