والأصل في جواب القسم أن يقال : (لقد أفلح) باللام ، وإنما حذفت ؛ لأن الكلام إذا طال صار طوله عوضا من اللام.
قوله تعالى : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها) (١١) ؛ أي كذبت قوم صالح الرسل بطغيانهم ، والطّغوى مصدر كالفتوى والدّعوى ، والمعنى : كذبت ثمود بطغيانها وعدوانها.
قوله تعالى : (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها) (١٢) ؛ أي حين قام أشقاها لعقر الناقة ، وصار هو السبب لهلاك الكلّ. قيل : إنه كان أشقاهم رجل يقال له مصدّع ، وهو الذي ابتدأ عقرها ، وقال الكلبيّ : «كانا اثنين مصدّع وقدار». والمعنى إذ انبعث أشقاها ، وإنما ذكرها بلفظ التأنيث ؛ لأنّ الهاء راجعة إلى القبيلة ، وقيل : المراد بقوله (أشقاها) قدار بن سالف ، وكان رجلا أشقر أزرق قصيرا ملتزق الخلق ، واسم أمه قديدة.
قوله تعالى : (فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها) (١٣) ؛ أي قال لهم صالح عليهالسلام : احذروا ناقة الله التي هي الآية الدالّة على توحيده أن تصيبوها بمكروه فتؤخذوا بذلك ، واحذروا سقياها ؛ أي شربها ونوبتها ؛ أي لا تزاحموها في يومها. هذا نصب كما يقال : الأسد الأسد (١).
قوله تعالى : (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها ؛) أي فكذبوا صالحا فيما قال لهم : إنّكم إن أصبتموها بسوء أخذكم عذاب يوم عظيم ، فعقروها وقتلوها. قوله تعالى : (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها) (١٤) ؛ أي فأطبق عليهم بالصّيحة ، وأرجف بهم الأرض ، ودمّر عليهم ، يقال : دمدمت على الميت إذا أطبقت عليه القبر.
__________________
(١) أي (ناقة) منصوب على التحذير ، كقولك : الحذار الحذار ، الصبيّ الصبيّ ، الأسد الأسد ، أي احذروا ناقة الله.