قوله تعالى : (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا) (١٦) ؛ قرأ العامّة بالتاء ، كذلك قراءة ابن كعب : (بل أنتم تؤثرون الحياة الدّنيا) (١) ، والخطاب للكفار ؛ كأنه قال : بل أنتم أيّها الكفار تختارون الدّنيا على الآخرة ، وقرأ أبو عمرو (يؤثرون) بالياء يعني الأشقياء. قوله تعالى : (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى) (١٧) ؛ أي ثواب الآخرة خير من الدنيا وما فيها وأدوم. وفي الحديث عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [ما الدّنيا في الآخرة «إلّا» (٢) كرجل أدخل إصبعه في اليمّ ، فلينظر بم يرجع](٣).
قوله تعالى : (إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى) (١٨) ؛ أراد به قوله تعالى (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) كما هو في القرآن ، ويقال : مذكور في الصّحف الأولى : أنّ الناس يؤثرون الحياة الدّنيا ، وأن الآخرة خير وأبقى ، أراد به السّورة كلّها.
قوله تعالى : (صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى) (١٩) ، قال قتادة : «تتابعت كتب الله تعالى أنّ الآخرة خير وأبقى» (٤). ويقال : إن في صحف إبراهيم : «ينبغي للعاقل أن يكون حافظا للسانه عارفا بزمانه مقبلا على شأنه» (٥).
وقال أبو ذرّ : قلت : يا رسول الله كم الأنبياء؟ فقال : [مائة ألف نبيّ ، وأربعة وعشرون ألف نبيّ] قلت : كم المرسلون منهم؟ قال : [ثلاثمائة وثلاثة عشر].
__________________
(١) ذكر الطبري القراءتين في جامع البيان : النص (٢٨٦٥٨).
(٢) (إلّا) سقطت من المخطوط.
(٣) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج ٢٠ : الحديث (٧١٣ ـ ٧٢٢). وفي الأوسط : ج ٥ : الحديث (٤١٩٢). والإمام أحمد في المسند : ج ٤ ص ٢٢٨ و ٢٢٩ و ٢٣٠. وإسناده صحيح.
(٤) في الدر المنثور : ج ٨ ص ٤٨٨ ؛ قال السيوطي : (أخرجه عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه ...) وذكره. وأخرجه ابن أبي حاتم في التفسير : الرقم (١٩٢٤٦). والطبري في جامع البيان : الأثر (٢٨٦٦٢).
(٥) هو جزء من حديث طويل عن أبي ذر رضي الله عنه يسأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ أخرجه ابن حبان في الصحيح : الرقم (٣٦١) ، قال الشيخ شعيب : إسناد ضعيف جدا.