وروي أن المراد بقوله (سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى) : عبد الله بن أمّ مكتوم (١) ، ويدخل فيه كلّ مؤمن ، والمراد بالأشقى الذي يتجنّب الموعظة الوليد بن المغيرة ، ويدخل فيه كلّ كافر.
قوله تعالى : (الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى) (١٢) ؛ وهي السّفلى من أطباق النار ، وقيل : سمّيت نار جهنّم النار الكبرى ؛ لأنّها أعظم من هذه النار ، كما روي في التفسير : أنّ نار الدّنيا جزء من سبعين جزء من نار جهنّم ، ولقد غمست في البحر مرّتين حتى لانت ، ولو لا ذلك ما انتفع بها أحد. وروي : أن نار الدّنيا تستجير أن يردّها الله إلى نار جهنّم. قوله تعالى : (ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) (١٣) ؛ أي لا يموت موتا فيستريح من عذابها ، ولا يحيا حياة يجد فيها روح الحياة.
وقوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى) (١٤) ؛ أي صار إلى البقاء الدّائم والنعيم المقيم من تزكّى بالإسلام والتّوبة من الذنوب ، والمعنى : قد أفلح من تطهّر من الشّرك وقال : لا إله إلّا الله ، وكان عمله زاكيا صالحا ، وأدّى زكاة ماله ، (وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) (١٥) ؛ أي وافتتح الصّلاة بذكر اسم الله ، وصلّى الصلوات المفروضات ، وكان ابن مسعود يقول : «رحم الله امرءا تصدّق ثمّ صلّى ، ثمّ يقرأ هذه الآية» (٢).
وقيل : معناه : قد أفلح من أدّى زكاة الفطر ثم صلّى صلاة العيد ، ويستدلّ بهذه الآية على جواز افتتاح الصّلاة بغير التّكبير ؛ لأنه تعالى ذكر الصّلاة عقيب اسمه ، إذ الفاء للتّعقيب من غير تراخ ، فلا فصل في الآية بين التكبير وبين سائر الأركان.
__________________
(١) ذكره القرطبي أيضا في الجامع لأحكام القرآن : ج ٢٠ ص ٢٠.
(٢) في الدر المنثور : ج ٨ ص ٤٨٦ ؛ قال السيوطي : (أخرجه سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد ابن حميد وابن جرير عن أبي الأحوص رضي الله عنه) منقطعا في رواية ، ووصله في رواية أخرى عن ابن مسعود رضي الله عنه. وأخرجه ابن أبي حاتم في التفسير : النص (١٩٢٤١). ومن رواية أبي الأحوص عند الطبري في جامع البيان : النص (٢٨٦٥٢).