لزاد عليه ، وأما الإيفاء بين الناس فإنّهم يجتهدون في استيفاء حقوقهم أن يكون ذلك أميل إلى الرّجحان ، كما روي : [أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قضى دينه فأرجح] فقيل له في ذلك فقال : [إنّا كذلك نزن](١).
قوله تعالى : (أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ) (٥) ؛ معناه ألا يستيقن أولئك أنّهم مبعوثون ، وفيه بيان أنّ التطفيف ليس يفعله من يعلم أنه مبعوث للحساب ليوم عظيم وهو يوم القيامة ، كأنه قال : لو علموا أنّهم مبعوثون ما نقصوا في الكيل والوزن ، وكان الحسن يقول : «نزلت هذه الآية في الموحّدين ، وما آمن بيوم القيامة من طفّف في الميزان».
قوله تعالى : (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٦) ؛ فيه بيان صفة ذلك اليوم ، قال الكلبيّ : «يقومون مقدار ثلاثمائة سنة لا يؤذن لهم فيعتذروا» (٢). وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : [يقوم النّاس لرب العالمين حتّى أنّ أحدهم ليغيب في رشحه إلى أنصاف أذنيه ، وحتّى يقول الكافر : رب أرحني ولو إلى النّار](٣).
وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : [خمس بخمس] قالوا : يا رسول الله وما خمس بخمس؟ قال : [ما نقض قوم العهد إلّا سلّط الله عليهم عدوّهم ، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلّا فشا فيهم الفقر ، وما ظهرت فيهم الفاحشة إلّا فشا فيهم الموت ، ولا طفّفوا الكيل إلّا منعوا النّبات وأخذوا بالسّنين ، ولا منعوا الزّكاة إلّا حبس الله عنهم القطر](٤).
__________________
(١) عن جابر بن عبد الله ؛ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم [إذا وزنتم فأرجحوا]. أخرجه ابن ماجة في السنن : كتاب التجارات : باب الرجحان في الوزن : الحديث (٢٢٢٢).
(٢) بمعناه أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (٢٨٣٥٥) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لبشير الغفاري : [كيف أنت صانع في يوم يقوم النّاس لربّ العالمين مقدار ثلاث مائة سنة من أيّام الدّنيا]. وفي الأثر (٢٨٣٥٨) عن قتادة.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (٢٨٣٥٢) عن ابن عمر بأسانيد. والبخاري في الصحيح : كتاب التفسير : الحديث (٤٩٣٨).
(٤) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج ١١ ص ٣٨ : الحديث (١٠٩٩٢). وفي مجمع الزوائد :