الله ، وقدّره سببا لحياته ، (أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا) (٢٥) ؛ قرأ أهل الكوفة ويعقوب (أنّا) بالفتح على نيّة تكرير الخافض ، تقديره : ولينظر إلى أنّا صببنا المطر من السّماء صبّا ، وقرأ الباقون بالكسر على الابتداء ، والمطر ينزل من السّماء إلى السّحاب صبّا ، ثم ينزل من السّحاب إلى الأرض قطرة قطرة ، ليكون أقرب إلى النفع وأبعد من الضّرر.
وقوله تعالى : (ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا) (٢٦) أي صدّعنا الأرض بالنّبات ، (فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا) (٢٧) ؛ يعني الحبوب كلّها يتغذى بها ، (وَعِنَباً ؛) أي كرما ، (وَقَضْباً) (٢٨) ؛ للدواب ، (وَزَيْتُوناً ؛) هو الذي يعصر منه الزيت ، وقال الحسن : «القضب : العلف» (١) ، (وَنَخْلاً) (٢٩) ؛ جمع نخلة ، (وَحَدائِقَ غُلْباً) (٣٠) ؛ الحدائق : جمع الحديقة ، وهو البستان الذي أحدق بالحيطان ، والغلب : الشّجر العظام الغلاظ ، وقيل : الغلب الملتفّة بالأشجار بعضها في بعض ، يقال : شجرة غلباء إذا كانت عظيمة غليظة ، ورجل غلب إذا كان غليظ العنق (٢).
قوله تعالى : (وَفاكِهَةً وَأَبًّا) (٣١) ؛ يعني ألوان الفواكه ، والأبّ : هو المرعى والكلأ الذي لم يزرعه الناس مما يأكله الأنعام. وسئل ابن عمر رضي الله عنهما عن الأب فقال : «أيّ سماء تظلّني وأيّ أرض تقلّني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم» (٣).
وعن أنس رضي الله عنه أنّ عمر قرأ هذه الآية فقال : «عرفنا الفاكهة فما الأبّ؟» ثمّ قال : «هذا لعمرو الله التّكلّف ، وما عليك يا ابن أمّ عمر أن تدري ما الأبّ» ثمّ قالوا : اتّبعوا ما بيّن لكم من هذا الكتاب وما لم يبيّن فدعوه (٤).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٨١٧٤).
(٢) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٩ ص ٢٢٢ ؛ قال القرطبي : (قال الكلبي : وكلّ شيء أحيط عليه من نخيل أو شجر فهو حديقة ، وما لم يحط عليه فليس بحديقة).
(٣) في الدر المنثور : ج ٨ ص ٤٢١ ؛ قال السيوطي : (أخرجه أبو عبيد في فضائله وعبد بن حميد عن إبراهيم التيمي قال : سئل أبو بكر الصديق رضي الله عنه ...) وذكره.
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٨١٨٧) بأسانيد. وفي الدر المنثور : ج ٨ ص ٤٢١ ؛