الله صلىاللهعليهوسلم ابن أمّ مكتوم وألطفه واستخلفه على المدينة مرّتين في غزوتين غزاهما ليصلّي بالنّاس ، وكان صلىاللهعليهوسلم إذا رآه يقول : [مرحبا بمن عاتبني فيه ربي ، هل لك من حاجة؟](١).
ولا يمتنع أن يكون إعراض النبيّ صلىاللهعليهوسلم عن ابن أم مكتوم لأنه كان يريد أن يعلّم الناس طريقة حفظ الأدب في تعلّم العلم. وقوله تعالى (فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) أي فمن شاء ذكر ما أنزل من الآيات ، ويقال : من شاء الله له أن يتّعظ اتّعظ.
ثم أخبر الله تعالى بجلالة القرآن في اللّوح المحفوظ عنده فقال تعالى : (فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ) (١٣) ؛ أي في كتب معظّمة بما تضمّنت من الحكمة ، (مَرْفُوعَةٍ ؛) القدر في السّموات ، (مُطَهَّرَةٍ) (١٤) ؛ أي منزّهة من الدّنس ومن التناقض والاختلاف كما قال تعالى في آية أخرى (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ)(٢). والصّحف : جمع الصّحيفة. وقيل : يعني بقوله (فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ) اللوح المحفوظ. قوله تعالى : (مرفوعة) يعني في السّماء السابعة وقوله تعالى : (مطهّرة) أي لا يمسّها إلّا المطهرون ، وهم الملائكة.
قوله تعالى : (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ) (١٥) ؛ يعني الكتبة من الملائكة ، واحدهم سافر مثل كاتب وكتبة ، وقال الفرّاء : «السّفرة ها هنا الملائكة الّذين هم رسل الله بالوحي إلى أنبيائه ، ومنه السّفارة وهو السّعي بين القوم» (٣). ثم أثنى الله عليهم فقال تعالى : (كِرامٍ بَرَرَةٍ) (١٦) ؛ أي كرام على ربهم مطيعين له ، والكريم الذي من شأنه أن يأتي بالخير ، والبررة : جمع بارّ ، وهم الفاعلين للبرّ المطيعين لله.
قوله تعالى : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) (١٧) ؛ أي لعن الكافر ما أكفره بالله وبنعمته مع كثرة إحسانه إليه ، قال مقاتل : «نزلت في عتبة بن أبي لهب ، والمراد به
__________________
(١) عزاه القرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٩ ص ٢١٣ ؛ قال : (قال الثوري ...) وذكره.
(٢) فصلت / ٤٢.
(٣) ينظر : معاني القرآن : ج ٣ ص ٢٣٦.