كفر بآيات ربه ، وأعرض عن منعمه» (١) ، (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (٣٧).
قوله تعالى : (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ) (٣٨) ؛ أي هذا يوم الفصل بين أهل الجنّة والنار ، جمعناكم مكذّبي هذه الأمة والأوّلين الذين كذبوا أنبياءهم.
قوله تعالى : (فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ) (٣٩) ؛ أي يقال لهم ذلك على وجه التقريع : إن كان لكم حيلة في دفع العذاب ، فاحتالوا لأنفسكم. وقيل : معناه : إن كان لكم كيد تكيدون به أوليائي ، كما كنتم تكيدونهم في الدّنيا فكيدوهم ، (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (٤٠).
قوله تعالى : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ) (٤١) ؛ أي في ظلال الأشجار وقصور الدّرّ وعيون جارية تجري بالماء والخمر واللّبن والعسل ، (وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ) (٤٢) ؛ يقال لهم : (كُلُوا ؛) من ثمار الجنّة ، (وَاشْرَبُوا ؛) من شرابها ، (هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٤٣) ؛ أي سليما من الآفات بما كنتم تعملون الطاعات في الدّنيا ، (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (٤٤) ؛ أي هكذا نجزي المحسنين على إحسانهم.
ثم يقال لكفار مكّة : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٥) كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً ؛) في الدّنيا إلى منتهى آجالكم ، (إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ) (٤٦) ؛ أي مشركون بالله ، (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (٤٧).
قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ) (٤٨) ؛ أي إذا أمروا بالصّلوات الخمس لا يصلّون ، (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (٤٩) ؛ أي لمن كذب بالركوع ، (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) (٥٠) ؛ أي إن لم يؤمنوا بهذا القرآن مع ظهوره ووضوحه ، فبأيّ كتاب يصدّقون ، ولا كتاب بعده.
آخر تفسير سورة (المرسلات) والحمد لله رب العالمين
__________________
(١) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٩ ص ١٦٦ ذكره القرطبي بلفظ : (أيّ عذر لمن أعرض من منعمه وجحده وكفر أياديه ونعمه؟).