فإذا انتهى الملك إلى الباب قال للحاجب الّذي على الباب : ائذن لي بالدّخول ، فيقول الحاجب : لا أستطيع أن آذن لك على وليّ الله ، ولكن أخبر الّذي يليني ، فيخبر الّذي يليه فيقول الثّاني كذلك ، فلا يزال هكذا حتّى يأتيه الخبر في سبعين بابا ، فذلك هو الملك الكبير ، فإذا دخل عليه الملك قال له : إنّ الله يقرؤك السّلام ، فيضع الهديّة بين يديه «فيها» ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، ثمّ يقول له الملك : إنّ الله عنك راض ، فهذا القول عنده أكبر من السّلام والهديّة والنّعيم الّذي هو فيه» فذلك قوله تعالى : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ)(١).
قوله تعالى : (عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ ؛) قرأ قتادة ومحمّد وابن سيرين ونافع وحمزة والأعمش وأيوب (عاليهم) بإسكان الياء ، وهي في موضع رفع بالابتداء ، والمعنى : الذي يعلوهم من الثياب ، ويقال : الذي يعلوهم على حجالهم ، وقرأ الباقون (عاليهم) بنصب الياء على الظّرف ؛ أي فوقهم ، ويجوز أن يكون نصبا على الحال ؛ أي يطوف على الأبرار ولدان مخلّدون في هذه الحالة ؛ أي في حال علوّ ثياب السّندس عليهم.
وقوله تعالى (خضر) قرأ ابن كثير (خضر) بالخفض على نعت السّندس و (إستبرق) بالرّفع على نعت الثياب ، وقرأ أبو عمرو وابن عامر (خضر) بالرفع على نعت الثياب ، و (إستبرق) بالخفض على معنى ثياب من سندس ومن استبرق. وقرأ نافع وأيوب (خضر وإستبرق) كلاهما بالرّفع عطفا للإستبرق على قوله (خضر) ، وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي وخلف كلاهما بالخفض.
قوله تعالى : (وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ ؛) أي حليّ أهل الجنّة أساور من فضّة ، وفي آية أخرى (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً)(٢) فاقتضت «دلالة» الآيتين أنّ كلّا منهم يحلّى ثلاثة أسورة : سوار من ذهب وسوار من فضّة وسوار من لؤلؤ. قال بعضهم : الضمير في قوله تعالى (وحلّوا) راجع إلى ال (ولدان).
__________________
(١) التوبة / ٧٢.
(٢) فاطر / ٣٣.