وألقيناه فاتّبع ما فيه من الحلال والحرام والأمر والنهي. قوله تعالى : (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) (١٩) ؛ أي بيان ما أشكل عليك من معانيه ، وبيان مجملاته مثل أركان الصّلاة وشروطها ونصاب الزكاة ومقاديرها.
قوله تعالى : (كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ) (٢٠) ؛ معناه : كلّا لا يؤمن أبو جهل وأصحابه بالقرآن وببيانه بل يحبّون العاجلة ، يعني كفّار مكّة يحبّون الدنيا ويعملون لها ، (وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ) (٢١) ؛ ويذرون العمل للآخرة ، فيؤثرون الدّنيا عليها ، وقرأ نافع والكوفيون (تحبّون) و (تذرون) بالتاء ؛ أي قل لهم يا محمّد : (بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ)(١).
قوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ) (٢٢) ؛ معناه : وجوه يوم القيامة ناعمة غضّة حسنة مضيئة مسفرة مشرقة بنعيم الجنّة ، وهي وجوه المؤمنين كما قال تعالى (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ)(٢) وقوله تعالى : (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (٢٣) ؛ قال الكلبيّ : «تنظر إلى الله تعالى يومئذ لا تحجب عنه» ، قال مقاتل : «تنظر إلى ربها معاينة» (٣).
قال صلىاللهعليهوسلم : [إذا دخل أهل الجنّة يقول تعالى : أتريدون شيئا أزيدكم؟ فيقولون : ألم تنضّر وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنّة؟ ألم تنجنا من النّار؟ قال : فيكشف الحجاب ، فما أعطوا شيئا أحبّ إليهم من النّظر إلى ربّهم ، ينظرون إلى الله تعالى في الجنّة بلا كيف ولا تحديد ، كما عرفته القلوب بلا كيف ولا تشبيه](٤).
__________________
(١) وفرّق بعض أهل التفسير بين القراءة بالتاء والقراءة بالياء ، فمن خالف القراءة المشهورة ، وقرأ بالياء فردّا على قوله تعالى : (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ) وهو بمعنى الناس ، نظيره قوله تعالى : (إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً). ومن قرأ بالتاء فعلى أنه واجههم بالتقريع ؛ لأن ذلك أبلغ في المقصود. ينظر : الكشف والبيان : ج ١٠ ص ٨٧. والجامع لأحكام القرآن : ج ١٩ ص ١٠٧.
(٢) المطففين / ٢٤.
(٣) قاله مقاتل في التفسير : ج ٣ ص ٤٢٣.
(٤) في الدر المنثور : ج ٨ ص ٣٥٣ ؛ بمعناه ، قال السيوطي : (أخرجه ابن عساكر عن أبي موسى).