أوقات لعلّه لا يعيش فيها ، ولا يبلغ إليها ، وأصل الفجور : الميل عن القصد ، يقال للكافر : فاجر ، وللمكذّب بالحقّ : فاجر.
قوله تعالى : (فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ) (٧) ؛ معناه : إذا حار البصر وفزع ، وذلك عند رؤية جهنّم ، وهذا جواب لقوله تعالى (أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ) فيقول الله تعالى : (إذا (بَرِقَ الْبَصَرُ) قرأ نافع بفتح الراء من البريق (١) ، أي يشخص البصر إلى ما يتوقّع من أهوال يوم القيامة ، كنظر المحتضر عند نظره إلى الملائكة. قوله : (وَخَسَفَ الْقَمَرُ) (٨) ، أي وذهب ضوء القمر ، والخسوف ذهاب الضّوء ، (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) (٩) ؛ أي جمعا في ذهاب نورهما كالنّورين القريبين ، يعني كوّرا يوم القيامة. وقيل : إنّهما يرمى بهما في النار ، خلقا من النار ثم يعودان فيها. قوله تعالى : (يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ) (١٠) ؛ معناه : يقول الكافر المكذّب بيوم القيامة : أين المفرّ وأين المهرب من الأهوال.
قال الله تعالى : (كَلَّا لا وَزَرَ) (١١) ؛ أي حقّا لا موضع يلج إليه ولا حصن ولا حرز. والوزر في اللغة : كلّ ما تحصّنت به ، والتجأت إليه ، ومنه الوزير ؛ لأنّ الناس يلتجئون إليه.
قوله تعالى : (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ) (١٢) ؛ أي المنتهى والمرجع والمصير. وقيل : المستقرّ موضع الحساب. وقيل : يعني أنّ مستقرّ المؤمنين الجنّة ، ومستقرّ الكافرين النار.
قوله تعالى : (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ) (١٣) ؛ أي بما قدّم من طاعة الله ، وما أخّر من طاعة الله فلم يعمل به ، وقيل : معناه : ينبّؤ الإنسان بأوّل عمله وآخره. وقيل : بما قدّم من أمواله ، وما خلّف للورثة. وقيل : بما عمل في أوّل عمره ، وما عمل في آخر عمره.
قوله تعالى : (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) (١٤) ؛ يعني أنّ جوارحه تشهد عليه بما عمل ، فهو شاهد على نفسه بشهادة جوارحه ، والمعنى : على الإنسان
__________________
(١) ينظر : جامع البيان : مج ١٤ ج ٢٩ ص ٢٢٢.