ويقال : معناه : كلاما محكما ليس بسفساف كما يقال : هذا كلام له وزن. وقيل : إنما سمي ثقيلا لثقله في الميزان مع خفّته على اللسان ، وعن الحسن في قوله تعالى (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) قال : «العمل» ، وقيل : ثقيل لا يحمله إلّا القلب المؤيّد بالتوفيق ونفس مؤمنة بتوحيده.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : [لقد رأيته ينزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم في اليوم الشّديد البرد فينفصم عنه ، وإنّ جبينه لينفص عرقا](١). وقالت عائشة أيضا : [إن كان ليوحى إليه وهو على راحلته فتضرب بجرانها](٢).
قوله تعالى : (إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً ؛) معناه : إنّ القيام في ساعات الليل أثقل وأشدّ على القائم من القيام بالنّهار ؛ لأن الليل إنما خلق للرّاحة والسّكون ، ففعل الطاعة فيه أشدّ من فعلها بالنهار ، وقال ابن مسعود : «إنّ ناشئة اللّيل قيام اللّيل». وقالت عائشة : «النّاشئة القيام بعد النّوم» ، وعن ابن الأعرابيّ : «إذا نمت من أوّل اللّيل ، ثمّ قمت فتلك النّاشئة» ومنه ناشئة اللّيل.
وقيل : ناشئة الليل ساعتها كلّها ، وكلّ ساعة منه فهي ناشئة ، سميت بذلك ؛ لأنّها تنشئ ، ومنه نشأت السّحابة إذا بدت ، وجمعها ناشئات ، وعن حاتم بن أبي صغيرة قال : «سألت ابن أبي مليكة عن ناشئة اللّيل فقال : على اللّبيب سقطت ، سألت ابن عبّاس فزعم أنّ اللّيل كلّه ناشئة ، وسألت الزّبير عنها فأخبرني مثل ذلك» (٣).
__________________
(١) أخرجه البخاري في الصحيح : كتاب بدء الوحي : الحديث (٢).
(٢) أخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ٦ ص ١١٨. وفي الدر المنثور : ج ٨ ص ٣١٦ ؛ قال السيوطي : (أخرجه أحمد وعبد بن حميد وابن جرير وابن نصر والحاكم وصححه عن عائشة) وذكره. وأخرجه الحاكم في المستدرك : كتاب التفسير : الحديث (٣٩١٩) ؛ وقال : حديث صحيح الإسناد.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٧٢٧٩).