قوله تعالى : (وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ ؛) أي ولهم في الجنّة من جميع أنواع الثّمرات والفواكه مما علموه وما لم يعلموه ، ومما سمعوه وما لم يسمعوه ، ظاهرها مثل باطنها ، لا يخالطها قشر ولا رذال (١) ولا نوى.
قوله تعالى : (وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ ؛) أي ولهم مع ذلك النعيم المقيم مغفرة من ربهم لذنوبهم ، فلا يذكر شيء من معاريضهم في الجنّة ؛ لأنّ الله تعالى قد سترها عليهم فهي بمنزلة ما لم يعمل ، (كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ) (١٥) ؛ أي من كان في هذا النعيم كمن هو خالد في النار (وَسُقُوا ماءً حَمِيماً) شديد الحرّ تستعر عليه جهنّم منذ خلقت (فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ) في الجوف من شدّة الحرّ ، والأمعاء : جميع ما في البطن من الحوايا ، واحدها معاء ، كما قال تعالى في آية أخرى : (يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ)(٢).
وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [إذا شربه صاحبه قطّع أمعاءه حتّى يخرج من دبره](٣). وعن محمّد بن عبد الله الكاتب قال : قدمت من مكّة ، فلمّا صرت إلى طيزناباذ ذكرت بيت أبي نؤاس (٤) :
بطيزناباذ كرم ما مررت به |
|
إلّا تعجّبت ممّن شرب الماء |
فهتف به هاتف أسمعه ولا أراه :
في الجحيم حميم ما تجرّعه خل |
|
ق إلّا ما بقي له بطن أمعاء |
__________________
(١) في لسان العرب : ج ٥ ص ١٩٩ ؛ قال ابن منظور : (ورذالة كلّ شيء أردؤه).
(٢) الحج / ٢٠.
(٣) أخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ٥ ص ٢٦٥. والطبري في جامع البيان : الحديث (٢٤٢٨٣). والطبراني في المعجم الكبير : الحديث (٧٤٦٠). والترمذي في الجامع : أبواب صفة جهنم : الحديث (٢٥٨٣) ، وقال : (هذا حديث غريب).
(٤) قال أبو نؤاس :
فتكتني ظيزنابا |
|
ذو قد كنت تقيّا |
إذ تركت الماء فيها |
|
وشربت الخسرويّا |
أرض كرم تجلب الدّ |
|
هر شرابا سابريّا |