ومن يليه من جنوده وأتباعه وجموعه ، وقرأ الباقون بفتح القاف وإسكان الباء ، ومعناه : ومن تقدّمه من القرون الخالية.
قوله تعالى : (وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ) (٩) ؛ يعني قوم لوط انقلبت قرياتهم بأهلها حين خسف بهم جاءوا بالخطئ العظيم وهو الشرك بالله تعالى. قوله تعالى : (فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ ؛) يعني لوطا عليهالسلام وموسى عليهالسلام ، والمعنى : فعصوا رسل ربهم ، إلّا أنه وحّد الرسول ؛ لأنه قد يكون مصدر وأقيم مقام لفظ الجماعة ، وقوله تعالى : (فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً) (١٠) ؛ أي زائدة نامية تزيد على الأخذات التي كانت فيمن قبلهم ، ومنه الرّبوة للمكان المرتفع ، ومنه الرّبا لما فيه من الزيادة.
قوله تعالى : (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ) (١١) ؛ معناه : لمّا جاوز الماء القدر وارتفع حدّ أيام الطّوفان في زمن نوح عليهالسلام حتى علا الماء على كلّ شيء وارتفع ، حملنا آباءكم وأنتم في أصلابهم في السّفينة الجارية التي تجري على الماء. وسمّى ارتفاع الماء في ذلك اليوم طغيانا لخروجه في ذلك اليوم عن طاعة خزّانه. ويقال : لا ينزل قطر من السّماء إلّا وعلم الملائكة محيط بها إلّا في ذلك اليوم.
قوله تعالى : (لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً ؛) أي لنجعل تلك الأخذة وتلك السفينة بما كان من إغراق قوم نوح وإنجائه والمؤمنين معه عظة يتّعظ بها الخلق ، فلا تفعلوا ما كان القوم يفعلونه. قوله تعالى : (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) (١٢) ؛ أي تسمعها وتحفظها أذن حافظة لما جاء من عند الله.
قال قتادة : (أذن سمعت وعقلت ما سمعت) (١) ، وقال الفرّاء : (لتحفظها كلّ أذن) فيكون عظة لمن يأتي بعد ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [سألت الله تعالى أن يجعلها أذنك يا عليّ] قال عليّ : فما سمعت شيئا فنسيته بعد ذلك (٢). وفي تفسير النقّاش (٣) :
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٦٩٥٢).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (٢٦٩٥٤ و ٢٦٩٥٥). وابن أبي حاتم في التفسير : الحديث (١٨٩٦١).
(٣) وهو محمد بن الحسن بن محمد ، أبو بكر النقّاش (٢٦٦ ـ ٣٥١ ه) عالم بالقراءات والتفسير ،