وقال بعضهم : هو اسم السّورة. وقيل : هو آخر حروف الرّحمن وهي رواية عكرمة عن ابن عبّاس قال : (الر وحم ون حروف الرّحمن) (١). وقال قتادة والضحّاك : (النّون هي الدّواة) (٢) ، وقال بعضهم : هو لوح من نور. وقال عطاء : (هو افتتاح اسم الله تعالى : نور ، وناصر). واختلفوا القراءة فيه ، فقرأ بعضهم بإظهار النون ، وقرأ بعضهم بإخفائها ، وقرأ ابن عبّاس بالكسر على إضمار حروف القسم ، وقرأ عيسى بن عمر بالفتح على إضمار فعل.
قوله تعالى : (وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ) قال المفسّرون : هو القلم الذي كتب به اللوح المحفوظ ، قال ابن عبّاس : (أوّل ما خلق الله القلم ، فقيل له : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ، وهو قلم من نور طوله ما بين السّماء والأرض). وقيل : لمّا خلق الله القلم ، نظر إليه فانشقّ نصفين ثم قال له : إجر ، قال يا رب بما أجري؟ قال : بما هو كائن إلى يوم القيامة ، فجرى على اللوح المحفوظ بذلك.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : [أوّل شيء خلق الله القلم ، ثمّ خلق النّون وهي الدّواة ، ثمّ قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة من عمل ورزق وأجل ، فكتب ما كان وما يكون من ذلك](٣).
قوله (وَما يَسْطُرُونَ) يعني وما تكتب الملائكة الحفظة من أعمال بني آدم ، وجواب القسم (ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) وهو جواب لقولهم (يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ)(٤) ، فأقسم الله تعالى بالنّون والقلم وبأعمال بني آدم فقال : (ما أَنْتَ ؛) يا محمّد ؛ (بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) (٢) ؛ أي ما أنت بإنعامه عليك بالنبوّة والإيمان بمجنون.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٦٧٦٧).
(٢) في الدر المنثور : ج ٨ ص ٢٤١ ؛ قال السيوطي : (أخرجه عبد بن حميد وابن المنذر وعبد الرزاق). وأخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٦٧٦٩).
(٣) في الدر المنثور : ج ٨ ص ٢٤١ ؛ قال السيوطي : (أخرجه الحكيم الترمذي عن أبي هريرة) وذكره.
(٤) الحجر / ٦.