والنداء المشروع لهذه الصّلاة الأذان الثاني الذي يقوله المؤذّن عند صعود الإمام المنبر ، كما روي عن السّائب بن يزيد أنه قال (ما كان لرسول الله صلىاللهعليهوسلم إلّا مؤذّن واحد يؤذّن إذا قعد على المنبر ، ثمّ يقيم إذا نزل ، ثمّ أبو بكر كذلك ، ثمّ عمر كذلك ، فلمّا كان في أيّام عثمان رضي الله عنه وكثر النّاس زاد نداء غيره) (١).
قوله تعالى : (فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ) يعني الذهاب والمشي إلى الصّلاة ، والسّعي : هو إجابة النّداء في هذه الآية ، والمبادرة إلى الجمعة ، وفي قراءة ابن مسعود رضي الله عنه (فامضوا إلى ذكر الله) وكان يقول : (لو أمرت بالسّعي لسعيت حتّى سقط ردائي) (٢). وقيل : السّعي هنا هو العمل إذا نودي للصّلاة فاعملوا على المعنى إلى ذكر الله من التفرّغ له والاشتغال بالطّهارة والغسل والتوجّه إليه بالقصد والنيّة.
واختلف مشائخنا : هل يجب على الإنسان الإسراع والعدو إذا خاف فوت الجمعة أم لا؟ قال بعضهم : يلزمه ذلك بظاهر النصّ ، بخلاف السّعي إلى سائر الجماعات لا يؤمر به وإن خاف الفوت. وقال بعضهم : لا يلزمه ذلك ، وليس السّعي إلّا العمل كما قال تعالى (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى)(٣). وقال صلىاللهعليهوسلم : [إذا أتيتم الصّلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون ، وأتوها وعليكم السّكينة والوقار ، فما أدركتم فصلّوا ، وما فاتكم فاقضوا](٤) ، وهذا عامّ في جميع الصّلوات.
قال بعضهم : فاسعوا إلى ذكر الله ، يعني الصّلاة مع الإمام ، وذلك هو المراد بذكر الله. وقال بعضهم : هي الخطبة لأنّها تلي النداء ، عن أبي بكر رضي الله عنه قال : قال
__________________
(١) في الدر المنثور : ج ٨ ص ١٥٨ ـ ١٥٩ ؛ قال السيوطي : (أخرجه عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن السائب بن يزيد) وذكره.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٦٤٣٥).
(٣) النجم / ٣٩.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنف : الحديث (٣٤٠٤). والإمام أحمد في المسند : ج ٢ ص ٢٧٠ و ٣١٨ و ٤٢٧. ومسلم في الصحيح : كتاب المساجد : باب استحباب اتيان الصلاة بوقار : الحديث (١٥١ ـ ١٥٤ / ١٠٢).