تعالى : (ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ) أي ولا من اليهود ، (وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (١٤) ؛ أنّهم كذبة.
وقال السديّ ومقاتل : (نزلت هذه الآية في عبد الله بن نبتل المنافق ، كان يجالس النّبيّ صلىاللهعليهوسلم يرفع حديثه إلى اليهود ، فبينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم جالس إذ قال : [يدخل عليكم الآن رجل قلبه قلب جبّار ، وينظر بعيني الشّيطان] فدخل عبد الله بن نبتل ، وكان أزرقا.
فقال صلىاللهعليهوسلم : [علام سببتني أنت وأصحابك؟] فحلف بالله ما فعل ، فقال له النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : [وقد فعلت] فانطلق فجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما سبّوه ، فأنزل الله هذه الآية) : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)(١) (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً ؛) أي هيّأ لهم عذابا شديدا في قبورهم ، (إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٥) ؛ في الدّنيا من موالاة اليهود وكتمان الكفر والحلف الكاذب مع العلم به.
وقوله تعالى : (اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً ؛) أي اتّخذوا أيمانهم الكاذبة ترسا من القتل وجعلوها عدّة ليدفعوا عن أنفسهم التهمة ، وقرأ الحسن (إيمانهم) بكسر الألف ، وقوله تعالى : (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ؛) أي صرفوا الناس عن ذكر الله وطاعته بإلقاء الشّبهة عليهم في السرّ. وقيل : فصدّوا المؤمنين عن جهادهم بالقتل ، (فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) (١٦) ؛ يهينهم في الآخرة.
قوله تعالى : (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً ؛) أي لن يدفع عنهم كثرة أموالهم ولا كثرة أولادهم من عذاب الله شيئا ، (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (١٧).
__________________
(١) ذكره مقاتل في التفسير : ج ٣ ص ٣٣٤ مختصرا. وأخرجه الحاكم في المستدرك : كتاب التفسير : الحديث (٣٨٤٧) من غير ذكر الاسم ، وقال : (حديث صحيح على شرط مسلم). والطبراني في المعجم الكبير : الحديث (١٢٣٠٧). وفي مجمع الزوائد : ج ٧ ص ١٢٢ ؛ قال الهيثمي : (رجاله رجال الصحيح). والطبري في جامع البيان : الحديث (٢٦١٨٠ و ٢٦١٨٢).