والرهبانيّة في اللغة : خصلة يظهر فيها معنى الرّهبنة ، وذلك إمّا في لبسه أو انفراده عن الجماعة للعبادة ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [لا تشدّدوا على أنفسكم فيشدّد الله عليكم ، فإنّ قوما شدّدوا على أنفسهم فشدّد الله عليهم ، فتلك بقاياهم في الصّوامع والدّيارات ، (رَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ)](١).
وعن عروة قال : (دخلت امرأة عثمان بن مظعون على عائشة وهي باذة الهيبة ، فسألتها : ما شأنك؟ فقالت : زوجي يقوم اللّيل ويصوم النّهار ، فذكرت عائشة ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلقي عثمان بن مظعون ، فقال له : [يا عثمان إنّ الرّهبانيّة لم تكتب علينا ، فما لك فيّ أسوة ، فو الله إنّي لأخشاكم لله وأحفظكم لحدوده](٢).
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ ؛) أي يا أيّها الذين آمنوا بموسى وعيسى اتّقوا الله وآمنوا برسوله محمّد صلىاللهعليهوسلم ، (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ ؛) أي يؤتكم نصيبين من ثوابه وكرامته ، نصيبا لإيمانكم به اليوم ونصيبا لإيمانكم المتقدّم بالأنبياء عليهمالسلام.
قوله تعالى : (وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ؛) على الصّراط ، كما قال تعالى (نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ)(٣) فهذا علامة المؤمنين في القيامة. وقيل : معناه : ويجعل لكم نورا بالإيمان في الدّنيا ، يعني الهدى والبينات تهتدون به إلى طاعة الله ، (وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ ؛) لمن مات على التوبة ، (رَحِيمٌ) (٢٨).
قوله تعالى : (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللهِ) أي ليعلم أهل الكتاب الذين لم يؤمنوا بمحمّد صلىاللهعليهوسلم وحسدوا المؤمنين منهم أن لا
__________________
(١) في الدر المنثور : ج ٨ ص ٦٦ ؛ قال السيوطي : (أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن سهل بن أبي أمامة بن سهل بن جبير عن أبيه عن جده) وذكره ، وقال : (أخرجه أبو يعلى عن أنس) وذكره.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنف : كتاب النكاح : باب وجوب النكاح وفضله : الحديث (١٠٣٧٥). والإمام أحمد في المسند : ج ٦ ص ٢٢٦ ، وإسناده صحيح. وفي مجمع الزوائد : ج ٤ ص ٣٠٢ : كتاب النكاح : باب حق المرأة على الزوج ؛ قال الهيثمي : (رواه أبو يعلى والطبراني بأسانيد وبعض أسانيد الطبراني رجالها ثقات).
(٣) التحريم / ٨.