وقال بعضهم : وقوله (والشّهداء) عطف على الصّدّيقين ، ومعنى : الشّهداء على سائر المؤمنين ، ففي الحديث : [المؤمنون شهداء الله في أرضه](١). وقال صلىاللهعليهوسلم : [كلّ مؤمن شهيد](٢). (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) (١٩).
قوله تعالى : (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ ؛) يعني الحياة الدّنيا كاللّعب واللهو في سرعة فنائها وانقضائها ، ونظير هذا قوله صلىاللهعليهوسلم : [الطّواف بالبيت صلاة](٣) أي كالصّلاة ، ويقال : فلان يجري كالبحر في السّخاء ، وفلان أسد ؛ أي كالأسد في الشّجاعة.
وقوله تعالى (وَزِينَةٌ) أي منظر حسن ، والمعنى : إنما الحياة الدّنيا لعب ولهو كلعب الصبيان ، وزينة كزينة النّسوان ، (وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) كتكاثر الدّهقان (٤).
قال عليّ بن أبي طالب لعمّار بن ياسر : (لا تحزن على الدّنيا ؛ فإنّها ستّة أشياء : مطعوم ؛ ومشروب ؛ وملبوس ؛ ومشموم ؛ ومركوب ؛ ومنكوح ، فأكبر طعامها العسل وهو بزاق ذبابة ، وأكبر شرابها الماء وفيه يستوي جميع الحيوانات ، وأكبر ملبوسها الدّيباج وهو نسج دودة ، وأكبر مشمومها المسك وهو دم فأرة أو ظبية ، وأكبر مركوبها الفرس وعليه يقتل الرّجال ، وأكبر منكوحها النّساء وهو مبال في مبال) (٥).
__________________
(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ٣ ص ١٨٦. والبيهقي في السنن الكبرى : كتاب آداب القاضي : باب اعتماد القاضي على تزكية المزكين وجرحهم : الحديث (٢٠٩٧١) ، وقال : (رواه البخاري في الصحيح عن سليمان بن حرب ورواه مسلم عن أبي الربيع).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (٢٦٠٥٨).
(٣) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج ١١ ص ٢٩ : الحديث (١٠٩٥٥). والترمذي في الجامع : أبواب الحج : باب ما جاء في الكلام في الطواف : الحديث (٩٦٠). والنسائي في السنن : كتاب الحج : باب إباحة الكلام في الطواف : ج ٥ ص ٢٢٢ ، وإسناده صحيح.
(٤) الدّهقان : بكسر الدال أو ضمها : التاجر ، فارسي معرب.
(٥) ذكره أيضا الثعلبي في الكشف والبيان : ج ٩ ص ٢٤٤. والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٧ ص ٢٥٥.