لا يليق به. وفي الحديث : لمّا نزلت هذه الآية قال صلىاللهعليهوسلم : [اجعلوها في ركوعكم](١).
قوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) (٧٥) ؛ معناه : فأقسم ، وإنما دخلت (لا) زائدة للتوكيد ، ويجوز أن يكون قوله : (فلا) ردّا لما يقوله الكفّار في القرآن : أنه سحر أو شعر أو كهانة ، ثم استأنف القسم على أنه قرآن كريم في كتاب مكنون ، ويعني بقوله (بِمَواقِعِ النُّجُومِ) نجوم القرآن التي كانت تنزل على رسول الله متفرّقا قطعا نجوما ، وقيل : يعني مغارب النّجوم ومساقطها ، وقرأ حمزة والكسائي (موقع) على المصدر ، والمصدر يصلح للواحد والجمع.
قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) (٧٦) ؛ قال الزجّاج : (هذا يدلّ على أنّ المراد بمواقع النّجوم نزول القرآن) (٢) والضمير في (إنّه) يعود على القسم ودلّ عليه (أقسم) ، والمعنى : أنّ القسم بمواقع النجوم عظيم.
قوله تعالى : (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) (٧٧) ؛ هذا جواب القسم ، ومعناه : كثير الخير دالّ على أنه من عند الله لأنّه لا يأتي أحد بمثله (فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ) (٧٨) ، ؛ ههنا هو اللوح المحفوظ مصون عن التغيّر والتبديل والزيادة والنقصان.
قوله تعالى : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٨٠) ؛ قال بعضهم : الضمير يعود إلى الكتاب المكنون ، معناه : لا يمسّ اللوح المحفوظ إلّا المطهّرون من الذّنوب وهم الملائكة. وقال : الضمير يعود إلى القرآن ، ومعناه : المصحف لا يمسّه إلّا المطهّرون من الأحداث والجنابات والحيض ، كما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : [لا يمسّ القرآن إلّا طاهر](٣).
__________________
(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج ١٧ ص ٢٧٥ : الحديث (٨٨٩). وأبو داود في السنن : كتاب الصلاة : باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده : الحديث (٨٦٩) ، وإسناده صحيح.
(٢) قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ج ٥ ص ٩٢.
(٣) هو شطر حديث طويل من كتاب النبي صلىاللهعليهوسلم ، رواه عمرو بن حزم ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن والديات. وفي مجمع الزوائد : ج ١ ص ٧٦ ؛ قال الهيثمي :(رواه الطبراني في الكبير والصغير ورجاله موثوقون).