من هذه الأمّة) (١).
قوله تعالى : (وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ) (٤١) ؛ يعني الذين يعطون كتبهم بشمائلهم ، ما تدري يا محمّد ما لهم من الهوان في العذاب من حرّ نار وريح حادّة تدخل في مسامّهم ، وهو قوله تعالى : (فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ) (٤٢) ؛ أي في حرّ نار وماء حارّ ، (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ) (٤٣) ؛ أي من دخّان شديد السّواد لا كبرد ظلّ الدّنيا ؛ لأنه ظلّ دخان جهنّم.
وقال ابن زيد : (اليحموم جبل في جهنّم) (٢). قوله تعالى : (لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ) (٤٤) ؛ أي لا بارد المدخل ولا كريم المنظر. وقيل : لا بارد المنزل ولا حسن المنظر.
قوله تعالى : (إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ) (٤٥) ؛ فيه بيان سبب العقوبة ، معناه : إنّهم كانوا في الدّنيا منعّمين متكبرين في ترك أمر الله ، وكانوا ممتنعين من الواجب الذي عليهم طلبا للترفّه ، (وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ) (٤٦) ؛ أي وكانوا يقيمون على الشّرك بالله. وسمي الشّرك حنثا ؛ لأنّهم كانوا يحلفون أنّ الله لا يبعث من يموت ، والحنث : الإثم.
وقال الشعبيّ : (الحنث العظيم : اليمين الغموس) (٣) وهم كانوا يحلفون بالله أنّهم لا يبعثون وكذبوا في ذلك ، (وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) (٤٧) ؛ بيان إنكارهم للبعث ، وقوله تعالى : (أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ) (٤٨) ؛ هذا القول منهم زيادة استبعاد واستنكار.
يقول الله تعالى : (قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) (٥٠) ؛ أي قل لهم يا محمّد : إنّ آباءكم ومن قبلهم وأنتم ومن بعدكم لمجموعون في قبورهم إلى يوم القيامة.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٥٨٨٦) عن ابن عباس.
(٢) ذكره الثعلبي في الكشف والبيان : ج ٩ ص ٢١٣.
(٣) ذكره أيضا البغوي في معالم التنزيل : ص ١٢٧١. والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٧ ص ٢١٣.