مَساكِنُهُمْ ؛) قال الزجاج : (معناه لا ترى شيئا إلّا مساكنهم ، والمعنى : لا تر أيّها المخاطب إلّا مساكنهم ، لأنّ السّكّان والأنعام بادت بالريح) (١).
قال ابن عبّاس : (فلم يبق إلّا هود ومن معه) ، وعن ابن عبّاس قال : (لمّا رأوا العارض قاموا ، فأوّل ما عرفوا أنّه عذاب رأوا ما كان خارجا من ديارهم من الرّعاة والمواشي تطير به الرّيح بين السّماء والأرض ، فرأوا الفساطيط والضّعائن ترفعها الرّياح كأنّها جراد فدخلوا بيوتهم وأغلقوا على أنفسهم الأبواب ، فجاءت الرّيح فقلعت أبوابهم واحتملتهم إلى عنان السّماء ، ثمّ هرعتهم وأهالت الرّمال ، فكانوا تحت الرّمل سبع ليال وثمانية أيّام حسوما لهم أنين ، ثمّ أمر الله بعد ذلك فاحتملتهم فرمت بهم في البحر) (٢).
وقرأ الأعمش وحمزة وعاصم ويعقوب (فأصبحوا لا يرى) بياء مضمومة (إلّا مساكنهم) بالرفع أي لا ترى الناس إلّا مساكنهم لأنّهم كانوا تحت الرّمل.
قوله تعالى : (كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) (٢٥) ؛ أي هكذا نجزي من أجرم جرمهم بمثل ما جازيناهم. وعن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا رأى الرّيح فزع ، وقال : [اللهمّ إنّي أسألك خيرها وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرّها وشرّ ما أرسلت به] وكان يقوم ويقعد ويتغيّر لونه ، فيقول له : ما لك يا رسول الله؟! فيقول : [إنّي أخاف أن تكون مثل قوم هود حيث قالوا : هذا عارض ممطرنا](٣).
__________________
(١) بمعناه ؛ قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ج ٤ ص ٣٤٠.
(٢) في الدر المنثور : ج ٧ ص ٤٥٠ ؛ قال السيوطي : (أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب السحاب ، وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس). وأخرجه أبو الشيخ في العظمة : ص ٢٨١ : الرقم (٣٨ / ٨٣٨).
(٣) أخرجه مسلم في الصحيح : كتاب صلاة الاستسقاء : باب التعوذ عند رؤية الريح والغيم : الحديث (١٥ / ٩٨٨). والترمذي في الجامع : أبواب الدعوات : الحديث (٣٤٤٩) ، وقال : حسن. وفي الدر المنثور : ج ٧ ص ٤٤٩ ؛ قال السيوطي : (أخرجه عبد بن حميد ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها) وذكره.