قوله تعالى : (وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ) (١٨) ؛ الكأس : الإناء الذي فيه الشّراب ، والمعين : الخمر الذي يجري من العيون الظّاهرة لا في الأخدود ، والمعنى : وكأس من خمر جارية. قوله تعالى : (لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ) (١٩) ؛ أي لا يصيبهم من شربها صداع كما يكون في شرب خمر الدّنيا ، ولا تنزف عقولهم ، يقال للرّجل إذا سكر : نزف عقله ، والنّزيف هو السّكران.
قوله تعالى : (وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ) (٢٠) ؛ معناه : ويؤتون بفاكهة مما يتخيّرون ليس لها فناء ولا نوى ، ظاهرها مثل باطنها ، وباطنها مثل ظاهرها.
قوله تعالى : (وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) (٢١) ؛ أي يؤتون بلحم طير مما يتمنّون ، كما روي في الحديث : [أنّهم إذا اشتهوا لحم الطّير وقع بينهم مشويّا ، فيتناولون منه قدر الحاجة ، ثمّ يطير كما كان](١) وهذا لأنّ الذبح لا يكون إلّا بإراقة الدم ، وذلك لا يكون في الجنّة.
وعن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [إنّ في الجنّة طيرا فيه تسعون ألف ريشة ، يجيء فيقع على صحفة الرّجل من أهل الجنّة ، ثمّ ينتفض فيخرج من كلّ ريشة لونه أبيض من الثّلج وألين من الزّبد وأعذب من الشّهد ، ليس فيه لون يشبه الآخر ، ثمّ يطير فيذهب](٢).
قوله تعالى : (وَحُورٌ عِينٌ) (٢٢) ؛ قرأ أبو جعفر وحمزة والكسائي (وحور) بالخفض على معنى وينعّمون بحور عين ، ويجوز أن يكون خفضا على المجاورة ؛ لأنه معطوف على قوله (وَفاكِهَةٍ وَلَحْمِ طَيْرٍ).
والحور : البيض الحسان ، والعين : الواسعة الأعين حسانها ، وقرأ النخعيّ وأشبه العقلي (وحورا عينا) بالنصب على معنى ويزوّجون حورا عينا ، وبالرفع على معنى : ولهم حور عين.
__________________
(١) في الدر المنثور : ج ٨ ص ١٠ ؛ قال السيوطي : (أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنة ، والبزار وابن مردويه والبيهقي في البعث عن عبد الله بن مسعود) وقال : (أخرجه ابن أبي شيبة وهناد عن الحسن).
(٢) في الدر المنثور : ج ٨ ص ١١ ؛ قال السيوطي : (أخرجه هناد عن أبي سعيد الخدري) وذكره.