قوله تعالى : (عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ) (١٥) ؛ أي على سرر منسوجة بقضبان الذهب والفضة والجواهر ، قد أدخل بعضها في البعض مضاعفة. قال الأعشى :
ومن نسج داوود موضونة |
|
تساق مع الحيّ عيرا فعيرا |
وإنما قال (عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ) لأنّها إذا كانت على هذه الصّفة ، كانت أنعم وألين من السّرر التي تعمل من الخشب ، قال الكلبيّ : (طول كلّ سرير ثلاثمائة ذراع ، فإذا أراد العبد أن يجلس عليها تواضعت ، فإذا جلس عليها ارتفعت) (١). وقال الضّحاك : (موضونة : أي مصفوفة) (٢) ، يقال : آجرّ موضون إذا صفّ بعضه على بعض (٣).
قوله تعالى : (مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ) (١٦) ؛ أي جالسين عليها جلسة الملوك للرّاحة متقابلين ، يقال بعضهم بعضا في الزّيادة : إذا اشتهى أحدهم حديث صاحبه ، ألقى الله في نفس الآخر مثل ذلك ، وأمر كلّ واحد منهم بسريره فأخرج على باب منزله ، ثم جلسا على سريريهما يتحدّثان ، يسمع كلّ واحد منهما حديث صاحبه وإن بعد عنه ، وإذا شاؤوا سارت سريرهم إلى حيث يشاؤون.
قوله تعالى : (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) (١٧) ؛ أي يطوف عليهم للخدمة غلمان لا يهرمون ولا يتغيّرون ولا يموتون ، خلقوا للخلود وهم دائمون ، ويقال : معنى (مخلّدون) مقرّطون مسوّرون من الخلدة وهي الحليّ ، يقال : خلّد جاريته إذا أحلاها بالخلد وهو القرط.
قوله تعالى : (بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ ؛) الأكواب جمع كوب ، وهي الكيزان العظام المدوّرة الرؤوس التي لا آذان لها ولا خرطوم ولا عرى ، والأباريق والأواني التي لها عرى وخراطيم ، واحدها إبريق ، وهو الذي يبرق من صفائه وحسنه وبريق لونه.
__________________
(١) نقله أيضا الثعلبي في الكشف والبيان : ج ٩ ص ٢٠٣.
(٢) نقله أيضا الثعلبي في الكشف والبيان : ج ٩ ص ٢٠٣. والبغوي في معالم التنزيل : ص ١٢٦٦.
(٣) نقله الثعلبي عن ابن عباس ، ينظر : الكشف والبيان : ج ٩ ص ٢٠٣.