قوله تعالى : (لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ (٢) خافِضَةٌ رافِعَةٌ) (٣) ؛ أي لمجيئها وظهورها كاذبة ولا ردّ ولا خلاف ، وقوله (رافعة) أي تخفض ناسا وترفع آخرين ، قال عطاء : (تخفض أقواما كانوا في الدّنيا مرفّعين ، وترفع أقواما كانوا في الدّنيا متّضعين). وقيل : تخفض قوما إلى النار ، وترفع آخرين إلى الجنّة.
قوله تعالى : (إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا) (٤) ؛ أي زلزلت الأرض ورجّعت وتحرّكت حركة شديدة حتى ينهدم كلّ بناء على وجه الأرض. قوله : (وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا) (٥) ؛ أي فتّت فتّا فصارت كالدّقيق المبسوس وهي المبلول ، والبسيسة عند العرب الدقيق والسّويق يلتّ ويتّخذ زادا. قيل : إنّ الجبال تصير يومئذ كالدّقيق أو السّويق.
وقوله تعالى : (فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا) (٦) ؛ أي صارت غبارا متفرّقا كالذي يسفع من حوافر الدّواب ، ويحول في شعاع الشّمس إذا دخل من الكوّة وهو الهباء ، فيقبض القابض فلا يحصّل بيده ، وقرأ النخعيّ (منبتّا) بالتاء أي منقطعا.
قوله تعالى : (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً) (٧) ؛ معناه : وكنتم يومئذ أصنافا ثلاثة ، ثم فسّرهم فقال الله : (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) (٨) ؛ يعني الذين يعطون كتبهم بأيمانهم. وقيل : هم الذين يسلك بهم ذات اليمين إلى الجنّة.
قوله تعالى : (وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) (٩) ؛ هم أصحاب الشّؤم والتكذيب ، وقيل : هم الذين يعطون كتبهم بشمالهم ، ويسلك بهم طريق الشّمال إلى النار ، ويقال لليد اليسرى الشّوماء ، قال الشاعر :
الشّتم والشّرّ في شوماء يديك لهم |
|
وفي يمينك ماء المزن والضّرب |
ومنه الشّام واليمن ؛ لأن اليمن على يمين الكعبة ، والشام على شمالها إذا دخلت الحجر تحت الميزاب. وقيل : هم الذين كانوا على شمال آدم عند ما أخرج الذّرية ، وقال الله لهم : (هؤلاء في النّار ولا أبالي) (١).
__________________
(١) ذكره القرطبي أيضا في الكشف والبيان : ج ٩ ص ٢٠١.