قوله تعالى : (فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ) (٥٢) ؛ أي نوعان وصنفان ، حلو وحامض ، وأحمر وأصفر ، ورطب ويابس. ويقال : صنفان : صنف عهدوه في الدّنيا ، وصنف لم يعهدوه ولا خطر في قلوبهم ، (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٥٣).
قوله تعالى : (مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ؛) أي جالسين جلسة الملوك مكرمين على فرش بطائنها من استبرق ، البطانة : الصّفحة مما يلي الأرض في البطانة ، والاستبرق : الدّيباج المنسوخ بالذهب.
وإنما ذكرت البطائن من استبرق لتعرف أنّ البطائن إذا كانت هكذا ، فالظاهر لا شكّ أنّها أشرف منها على ما عليه العادة ، وقال أبو هريرة رضي الله عنه : (هذه البطائن ؛ فما ظنّكم بالظّواهر) (١). وقيل لسعيد بن جبير : البطائن من استبرق فما الظّواهر؟ قال : (هذا ممّا قال الله تعالى : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ)(٢)) (٣). وقال ابن عبّاس : (وصف البطائن وترك الظّواهر ؛ لأنّه ليس في الأرض أحد يعرف ما الظّواهر؟) (٤).
قوله تعالى : (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ) (٥٤) ؛ أي ثمرهما قريب متناوله ، يناوله القائم والقاعد والمضطجع ، يأخذه كيف ما أراد ، ويدنو إلى أفواههم حتى يناولونه بالأفواه ، (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٥٥).
قوله تعالى : (فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ ؛) أي في هاتين الجنّتين وما حولهما من الجنان حور غاضّات الأعين ، قد قصرن أطرافهنّ على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم ولا يبغين بهم بدلا.
__________________
(١) نقله أيضا الثعلبي عن أبي هريرة وابن مسعود في الكشف والبيان : ج ٩ ص ١٩٠. وأخرجه الطبري عن ابن مسعود في جامع البيان : الأثر (٢٥٦٢٩).
(٢) السجدة / ١٧.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٥٦٣١).
(٤) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ١٢٦٢.