قوله تعالى : (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) (٢٧) ؛ معناه : ويبقى ربّك ، والوجه يذكر على وجهين : أحدهما : بعض الشّي كوجه الإنسان ، والآخر : يقتضي الشيء العظيم في الذّكر كما يقال : هذا وجه الرّأي ووجه التّدبير ، ولمّا ثبت أنّ الله تعالى ليس بجسم ، كان المعنى : ويبقى الله الظاهر بأدلّته كظهور الإنسان بوجهه.
وقوله تعالى : (ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) أي ذو العظمة والكبرياء واستحقاق المدح بإحسانه وإنعامه. والإكرام : إكرامه أنبياءه وأولياءه ، فهو مكرمهم بلطفه مع جلاله وعظمته.
وعن معاذ بن جبل قال : مرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم برجل يصلّي وهو يقول : يا ذا الجلال والإكرام ، فقال عليهالسلام : [قد استجيب لك](١). وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [الظّوا بيا ذا الجلال والإكرام](٢). (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٢٨).
قوله تعالى : (يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ؛) أي لا يستغني عنه أهل السّماء ولا أهل الأرض ، قال أبو صالح : (يسأله من في السّموات الرّحمة ، ويسأله من في الأرض المغفرة والرّزق ، والكلّ يلجأون إليه ويسألونه حوائجهم) (٣).
وقوله تعالى : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) (٢٩) ؛ قال المفسّرون : من شأنه أنه يحيي ويميت ، ويرزق ، ويعزّ ويذلّ ، ويشفي مريضا ، ويجيب داعيا ، ويعطي سائلا ، ويغفر ذنبا ، ويكشف كربا إلى ما لا يحصى من أفعاله وإحداثه في خلقه ما شاء. وعن أبي الدّرداء عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : أنّه قال في قوله (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) قال : [من شأنه أن يغفر ذنبا ويفرّج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين](٤).
__________________
(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ٥ ص ٣٢١ ـ ٣٢٢ شطر حديث طويل.
(٢) أخرجه الترمذي في الجامع الصحيح : أبواب الدعوات : الحديث (٣٥٢٥) ، وقال : هذا حديث غريب. والإمام أحمد في المسند : ج ٤ ص ١٧٧ عن ربيعة بن عامر. وإسناده صحيح.
(٣) في الدر المنثور : ج ٧ ص ٦٩٩ ؛ قال السيوطي : (أخرجه عبد بن حميد وابن المنذر) وذكره.
(٤) أخرجه ابن ماجة في السنن : المقدمة : الحديث (٢٠٢) عن أبي الدرداء ، وإسناده حسن.