والمعنى : أن الله ذكر عظيم قدرته حيث خلا البحر من العذاب والمالح يلتقيان ، وجعل بينهما حاجزا من قدرته وحكمته ، لا يبغي أحدهما على صاحبه ، فلا الملح يبغي على العذب فيفسده ولا العذاب على الملح فيخلط به. وقيل معنى قوله (لا يَبْغِيانِ) أي لا يطغيان على الناس بالغرق.(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٢١).
قوله تعالى : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) (٢٢) ؛ فيه بيان نعم البحر ، واللؤلؤ معروف وهو الكبار من جنس اللؤلؤ ، والمرجان : صغاره ، وإنما يخرجان من الملح دون العذب ، كاللقاح للملح ، إلا أنه قال (يَخْرُجُ مِنْهُمَا) لأن ذلك لا يوجد إلا بحيث يكون العذب والملح جميعا. وقيل : المرجان : ضرب من الجوهر كالقضبان يخرج من البحر.
وقال ابن عباس : (يخلق الله اللؤلؤ والمرجان من قطر المطر ، وذلك أن السماء إذا أمطرت فتحت الأصداف أفواهها على وجه الماء في البحر الملح ، فما وقع من المطر في أفواهها نزل إلى صدرها فانعقد لؤلؤا) (١).
وقال السدي : (المرجان الخرز الأحمر). وعن ابن مسعود : (أن المرجان حجر) (٢). وذكر إن كانت في جوفه صدفة ، فأصابت قطرة بعض النواة ولم تصب بعضها ، فكان حيث أصاب القطرة من النواة لؤلؤة وسائره نواة.
وسائر القراء على أن (يخرج) بضم الياء وفتح الراء (٣) ، وهو اختيار أبي عبيدة وأبي حاتم ؛ لأنه يخرج ولا يخرج بنفسه. وقرأ (يخرج) بفتح الياء وضم الراء ؛ لأنه إذا أخرج خرج (٤).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٥٥٤٢).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٥٥٤١).
(٣) في الحجة للقراءات السبعة : ج ٤ ص ١٥ ؛ قال أبو علي الفارسي : (روى حسين عن أبي عمرو (يَخْرُجُ)برفع الياء وكسر الراء ، (اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) نصبا).
(٤) ينظر : الحجة للقراء السبعة : ج ٤ ص ١٥.