قوله تعالى : (وَالْأَرْضَ فَرَشْناها ؛) أي بسطناها على الماء ، (فَنِعْمَ الْماهِدُونَ) (٤٨) ؛ الفارشون ، والماهد في اللغة : هو الموظّب للشّيء المهيّء لما يصلح الاستقرار عليه.
قوله تعالى : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ ؛) أي ومن كلّ شيء خلقنا من الحيوان ذكرا أو أنثى ، (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (٤٩). وقيل : المراد بالزّوجين صنفين ولونين من حلو وحامض وأبيض لكي يعتبروا ويتّعظوا بذلك ، ويعلموا أنه ليس مع الله تعالى إله غيره.
قوله تعالى : (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ ؛) أي اهربوا من عقابه إلى رحمته بالإخلاص في طاعته وترك ما يشغلكم عن أوامره. وقيل : معناه : ففرّوا إلى الله من ذنوبكم واهربوا من الكفر إلى الإسلام ، ومن العصيان إلى الطاعة ، (إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) (٥٠) ؛ أنذركم العقاب على الكفر والمعصية وأخوّفكم عذاب الله بلغة تعرفونها متى تركتم الفرار إلى الله من الله ، (وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ ؛) أي تصفوه بالشّريك والولد ، (إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) (٥١) ؛ رسول أخوّفكم لتمتنعوا أن تجعلوا مع الله إلها آخر غيره.
قوله تعالى : (كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) (٥٢) ؛ أي كما نسبك قومك إلى السّحر مرّة والجنون أخرى ، هكذا ما أتى الذين من قبل قومك من رسول دعاهم إلى الله إلّا قالوا لذلك الرسول : هو (ساحر أو مجنون).
يقول الله تعالى : (أَتَواصَوْا بِهِ ؛) معناه : أتواصوا بهذا القول فتوافقوا عليه وأوصى كلّ قوم من بعدهم أن يقولوا مثل هذا لرسولهم ، هذا اللفظ لفظ الاستفهام ، ومعناه : التوبيخ والإنكار. قوله تعالى : (بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) (٥٣) ؛ يعني أهل مكّة قوم طاغون.
قوله تعالى : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ) (٥٤) ؛ أي أعرض يا محمّد عن هؤلاء المشركين ، فما أنت عندنا بملوم ، فأنّك قد بلّغت وأنذرت ، (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (٥٥) ؛ أي وعظ أهل مكّة بالقرآن ، فإن العظة