قوله تعالى : (وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ) (٤٣) ؛ أي في خبر ثمود وإهلاكهم آية أيضا ، إذ قيل لهم تمتّعوا إن أطعتم الله إلى آجالكم ، (فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ) ، فأعرضوا عن قبول أمر الله ، فأخذهم العذاب المحرق وهم ينظرون إلى أنفسهم وإلى قومهم يحترقون في العذاب. وقيل : معناه : لما عقروا الناقة قال لهم صالح : تمتّعوا ثلاثة أيام ، وهو قوله (حَتَّى حِينٍ) ، والتّمتّع : التّلذّذ بأسباب اللّذة من المناظر والروائح الطيّبة وأشباه ذلك.
قوله تعالى : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ ؛) يعني بعد مضيّ ثلاثة أيّام. والصّاعقة : كلّ عذاب مهلك ، وقرأ الكسائيّ (الصّعقة) وهي الصوت الشّديد ، (وَهُمْ يَنْظُرُونَ) (٤٤) ؛ ذلك عيانا ، (فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ ؛) ما قدروا على النّهوض من مقامهم حين غشيهم العذاب فيردّوه ، (وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ) (٤٥) ؛ أي ما كانت لهم قوّة يمتنعون بها منّا ، ولا كانوا طالبين ناصرا لهم يمنعهم من عذاب الله.
قوله تعالى : (وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ ؛) فيه قراءتان ، قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وخلف (وقوم) بالخفض ؛ أي وفي قوم نوح وهلاكهم بالطّوفان آية أيضا ، وقرأ الباقون بالنّصب على معنى : وأهلكنا قوم نوح من قبل عاد وثمود. وقيل : نصب على تقدير : واذكر قوم نوح من قبل عاد وثمود وقوم فرعون ، (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) (٤٦) ؛ أي خارجين من طاعة الله. وقيل : انتصب قوله (وَقَوْمَ نُوحٍ) على قراءة النصب عطفا على الهاء والميم في قوله (فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ) كأنه قال وأغرقنا فرعون وجنوده ، وأغرقنا قوم نوح من قبل (١).
قوله تعالى : (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ ؛) أي بقدرة وقوّة ، (وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) (٤٧) ؛ في السّماء على الأرض في كلّ جهات ، ونحن نقدر على أكثر من ذلك ، ولم يكن هذا جهد قوّتنا ، وقال الحسن : (وإنّا لموسعون الرّزق على من فوقها ومن تحتها).
__________________
(١) ينظر : الحجة للقراء السبعة : ج ٤ ص ١٦٥ ـ ١٦٦.