والحبوك في اللغة : ما أجيد عمله ، وواحد الحبك حباك ، مثل مثال ومثل. ويجوز أن يكون واحدة حبيكة مثل طريقة وطرق (١). وقيل : الحبك طريق الملائكة ، وقال الحسن : (حبكها زيّنها بالنّجوم). وقيل : (ذات الحبك) أي ذات الخلق الشّديد ، قال تعالى : (وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً)(٢).
وقوله تعالى : (إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ) (٨) ؛ هذا جواب القسم الثاني ، والمعنى : إنّكم يا أهل مكّة لفي قول مختلف من بين مصدّق بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم ومكذّب به ، ومتوقّف في أمره ، وبعضكم يقول في محمّد : هو شاعر ، وبعضكم يقول : مجنون ، وفي القرآن يقول بعضكم : هو سحر ، وبعضكم يقول : هو كهانة ، وبعضكم يقول : هو أساطير الأوّلين.
قوله تعالى : (يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ) (٩) ؛ أي ينصرف عن الإيمان من صرف حتى يكذّب به ، يعني بذلك من حرمه الله الإيمان بمحمّد صلىاللهعليهوسلم والقرآن.
قوله تعالى : (قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ) (١٠) ؛ أي لعن الكذابون ، وقال ابن عبّاس : (المرتابون) (٣) ، والقتل إذا أخبر به عن الله كان بمعنى اللّعن ؛ لأنّ من لعنه الله فهو بمنزلة المقتول الهالك ، كما قال الله (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ)(٤) أي لعن. والخرّاصون : هم الكذابون.
قال الفرّاء : (والمراد بهم ههنا الّذين قالوا : محمّد شاعر وكذاب ومجنون وساحر) (٥). والخارص : هو الذي يقطع في الأمور والحكم بمقداره بالتّخمين ، يعني من غير علم ، ومنه خارص الذي يقطع في مقداره بغير حقيقة.
__________________
(١) ينظر : لسان العرب : مادة (حبك).
(٢) النبأ / ١٢.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٤٨٢٧).
(٤) عبس / ١٧.
(٥) ينظر : معاني القرآن للفراء : ج ٣ ص ٨٣.