قرأ الحسن وأبو عمرو ويعقوب وعاصم والكسائيّ وابن عامر : (وأدبار) بفتح الألف جمع الدّبر. وقرأ الباقون بالكسر على المصدر من أدبر يدبر إدبارا.
قوله تعالى : (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) (٤١) ؛ أي استمع يا محمّد صيحة القيامة والبعث والنّشر ، ويوم النداء هو يوم صيحة إسرافيل ، وهو يوم النّفخة الأخيرة ، يقوم فيه على صخرة بيت المقدس فينفخ في الصّور ، والصّخرة أقرب مكان من الأرض إلى السّماء باثني عشر ميلا كذا قال الكلبيّ.
وفي الحديث : [أنّه ينادي : أيّتها العظام البالية ، والعروق المتمزّقة ، والشّعور المتفرّقة ، أخرجن لفصل القضاء فيكنّ ، فيخرجون على وجه الأرض](١).
وقوله تعالى : (يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ؛) أي بالبعث ، وقيل : إنّها كائنة بالحقّ ، (ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) (٤٢) ؛ أي من القبور إلى المحشر.
قوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ ؛) أي نحيي الأموات ونميت الأحياء ، (وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ) (٤٣) ؛ في الآخرة للجزاء.
وقوله تعالى : (يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ؛) أي تتصدّع عنهم مسرعين ، والمعنى يوم تشقّق الأرض عنهم خارجين سراعا يسرعون إلى الدّاعي ، (ذلِكَ ؛) الحشر ، (حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ) (٤٤) ؛ أي هيّن وسهل.
قوله تعالى : (نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ ؛) يا محمّد من تكذيبك من أمر البعث وغير ذلك ، يعني كفّار مكّة ، (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ ؛) أي بمسلّط قهّار تجبرهم على الإسلام ، إنما بعثت مذكّرا محذّرا ، وذلك قبل أن يؤمر بالقتال ، قوله تعالى : (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ ؛) أي عظ به ، (مَنْ يَخافُ وَعِيدِ) (٤٥) ؛ وإنما خصّ الخائفين بالوعظ ؛ لأنّهم هم الذين ينتفعون بذلك ، والمعنى : ذكّر بالقرآن من يخاف ما وعدت من عصاني من العذاب.
آخر تفسير سورة (ق) والحمد لله رب العالمين
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٤٧٩٠) موقوفا عن كعب. وفي الدر المنثور : ج ٧ ص ٦١١ ؛ قال السيوطي : (أخرجه ابن عساكر والواسطي في فضائل بيت المقدس).