قوله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ) (٣٨) ؛ واللّغوب هو التّعب ، وذلك أنّ اليهود لعنهم الله قالوا : خلق الله السموات والأرض في ستّة أيّام ، أوّلها يوم الأحد ، وآخرها يوم الجمعة ، فأعيا واستراح يوم السبت! فذلك لا يعمل فيه شيئا. فأكذبهم الله بقوله (وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ) ، واللّغوب هو التعب ، وسبحان الله أن يوصف بتعب أو نصب.
قوله تعالى : (فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ ؛) أي إصبر يا محمّد على ما يقولون من الأذى والتكذيب ، وهذا قبل أن يؤمر بالقتال ، قوله تعالى : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ؛) أي صلّ بأمر ربك واحمده ، (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) (٣٩) ؛ أراد بذلك صلاة الفجر وصلاة العصر. وقيل : معناه : قبل الغروب : الظهر والعصر ، (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ ؛) يعني : صلاة المغرب والعشاء. وسمّيت الصلاة تسبيحا لما فيها من التسبيح : (سبحان ربي العظيم ، وسبحان ربي الأعلى).
وقوله تعالى : (وَأَدْبارَ السُّجُودِ) (٤٠) ؛ يعني الرّكعتين بعد المغرب وقبل الوتر. وقيل : التسبيح في أواخر الصّلاة ، يسبحون الله ثلاثا وثلاثين ، ويحمدون ثلاثا وثلاثين ، ويكبرون ثلاثا وثلاثين. وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [أنّه كان يقول في آخر صلاته عند انصرافه : (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ...) إلى آخر السّورة](١).
وعن الشعبيّ والأوزاعيّ أنّهما قالا : (أدبار السّجود الرّكعتان بعد المغرب ، وأدبار النّجوم : الرّكعتان قبل الفجر) (٢). وقال ابن زيد : (معنى قوله (أَدْبارَ السُّجُودِ) وهو النّوافل ، وأدبار المكتوبات) (٣).
__________________
(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج ١٩ ص ١٩٥ : الحديث (١١٢٢١) عن ابن عباس بلفظ : [كنّا نعرف انصراف رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقوله ...] وذكره. وفي مجمع الزوائد : ج ١٠ ص ١٠٣ ؛ قال الهيثمي : (رواه الطبراني وفيه محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير ، وهو متروك). وذكر في ج ٢ ص ١٤٧ ـ ١٤٨ عن أبي مثله ، وقال : (رواه أبو يعلى ورجاله ثقات). وذكره النووي برواية عن ابن السني في الأذكار : ص ٦٩ ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(٢) رواه ابن أبي شيبة في المصنف : ج ٢ ص ٢٥٩ : الحديث (٨٧٤٧).
(٣) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٧ ص ٢٦ ؛ نقله القرطبي بلفظ : (هو النوافل بعد الصلوات ، ركعتان بعد كل صلاة مكتوبة).