بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله الذي أنزل القرآن كلاما قيّما ، لا يحوم حوله عوج ، وجعله كتابا محكما بنظم معجز ناطق بالبينات والحجج ، والصلوة على رسوله المصطفى لقمع الضلال ورفع الهدى ، محمد وآله وصحبه ، مصابيح الدجى.
أما بعد :
فان كتاب الله المجيد هو منبع الأصول الدينية ومجمع الأحكام الشرعية ، هو المختص بوصف الفصاحة والبلاغة من بين سائر الكتب السماوية لانتهائه إلى حد الإعجاز وغاية الإيجاز ، لا سبيل لأحد إلى درك ما فيه من الأسرار والمعاني إلا بتأييد إلهي أو بامداد نبوي.
وقد صنف كثير من العلماء الأعلام وأنصار ملة الإسلام تفاسير تكشف عن أسراره وتشرق عن أنواره بعبارات رائقة وتركيبات شائقة ، ولكن كان الإطلاع لبعض طلاب العجم والعرب من أهل الفضل والأدب على تلك الأسرار والأنوار صعبا منها لدقة مسالكها وغموض مسابكها من الكشف الشافي والبيان الوافي ، فالتجأت إلى الله الوهاب ، ملهم الصواب مع قلة البضاعة وقصور الباع في هذه الصناعة أن أنتخب من تلك التفاسير تفسيرا مختصرا ، قريبا من التناول ، بعيدا من التفاضل ، شافيا في كشف حقائقه ، وافيا لدرك دقائقه تيسيرا لكل طالب فهيم أن يكون ذا حظ من علم القرآن العظيم ، إذ به انتظام صلاح العباد واغتنام الفلاح في المعاد ، من تحلى به فقد فاز بالقدح المعلى ، ومن تخلى عنه يحشر يوم القيامة أعمى ، متوكلا على واهب العقل السليم والهادي إلى الصراط المستقيم.
وسمّيته «عيون التفاسير للفضلاء السماسير» ، فان تر فيه شيئا من الخلل والفتور فانسبه (١) إلى العجز والقصور ، وإن تعثر على ما تقر به عينك فاعرفه من فيضان نور رب العالمين أو الإمداد من جناب (٢) سيد المرسلين.
__________________
(١) فانسبه ، ب س : فانسبته ، م.
(٢) جناب ، ب س : خباب ، م.