الصحَّة التي هنأتني بها طيبات الرزق ، ونشطتني بها لابتغاء مرضاتك وفضلك ، وقويتني بها على ما وفقتني له من طاعتك؟ أم وقت العلّة التي محصتني بها ، والنعم التي أتحفتني بها تخفيفاً لما ثقل به على ظهري من الخطيئات ، وتطهيراً لما انغمست فيه من السيئات ، وتنبيهاً لتناول التوبة ، وتذكيراً لمحو الحوبة ... الخ» (١).
حكاية كعب الأحبار
وممّا يُحكى عن كعب أنّه قال : (كنت أسير في جبال الشام فلمَّا أشتد الحرّ قلت : أنزل ساعة حَتَّى تنكسر سًورةُ الحَرّ ثُمَّ أذهب إلى مقصودي ، فنظرت إلى خربة كانت في جنبي فدخلتها ، وإذا أنا برجل قَدْ فقد يديه ورجليه ونور بصره وكان يناجي ربَّه ويقول في مناجاته : الحمد لله على نعمائه.
فدخلني العجب منه حيث هو بتلك الحالة من فقد الأعضاء وعدم المساعد ومن يعتمد عليه في قضاء محاويجه ، وهو يشكر الله على نعمائه ، فدنوت منه وسلّمت عليه فردَّ عليَّ السلام ، وقلت له : أيُّها الشاب أيُّ نعمة لله عليك حَتَّى تقابله بهذا الشكر ، وأنت في هذه المحنة الظاهرة؟
فلمّا سمع منّي هذا الخطاب صرخ بي صرخة ، قال : تباعد عني يا بطّال ، ايّ نعمة أكبر من النعمة التي أنعم الله بها عليَّ ، حيث أزال عني كل آلة معصية ، وأكرمني بكلّ آلة طاعة ومعرفة ، وأزال عني العين حَتَّى لا أنظر بها إلى ما يحرم النظر إليه ، وأزال عني اليدين حَتَّى لا أتجاسر بهما إلى تناول المحرمات ، وأزال عني الرجلين حَتَّى لا أسعى بهما إلى المحرمات ، وأكرمني بالقلب حَتَّى أعرفه ، واللسان لكي أدعوه
__________________
(١) الصحيفة السجادية : ٨٠ ، وهي من دعائه عليهالسلام : إذا مرض.